للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا دَخَلَ مِصْرَهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَدَّ نَفْسَهُ بِمَكَّةَ مِنْ الْمُسَافِرِينَ، قُلْت: يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ أَنَسٍ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ، قِيلَ: كَمْ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا، انْتَهَى. أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ عليه السلام أَقَامَ بِمَكَّةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَحَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: غَزَوْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدْت الْفَتْحَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ، يَقُولُ يَا أَهْلَ مَكَّةَ، صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ١ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِالْأَبْطَحِ بِمَكَّةَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، فَأَتَاهُ بِلَالٌ بِوُضُوئِهِ، قَالَ: فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، فَتَوَضَّأَ، وَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَجَعَلْت أَتَتَبَّعُ فاه، ههنا وههنا، يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا: "حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ"، قَالَ: ثُمَّ أُرْكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحِمَارُ. وَالْكَلْبُ، لَا يَمْنَعُ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ، أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ٢" عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ. وَمَعَ عُمَرَ، كُلُّهُمْ صَلَّى حِينَ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ، إلَى أَنْ رَجَعَ إلَيْهَا، رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسِيرِ، وَفِي الْمُقَامِ بِمَكَّةَ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْقَصْرِ، رُخْصَةٌ، أَوْ عَزِيمَةٌ: اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ عَزِيمَةٌ، بِأَحَادِيثَ: مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، انْتَهَى. أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ٣"، وَفِي لَفْظٍ: قَالَتْ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ، فَأَتَمَّهَا فِي الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْأُولَى، انْتَهَى. زَادَ فِي لَفْظٍ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقُلْت لِعُرْوَةِ: فَمَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ؟، قَالَ: إنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: قَالَتْ: فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، فَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْأَوَّلِ، انْتَهَى. ذَكَرَهُ بَعْدَ الْمَنَاقِبِ، فِي "بَابِ مِنْ أَيْنَ


١ حديث أبي جحيفة هذا أخرجه مسلم في "باب سترة المصلي" ص ١٩٦، وأما البخاري، فأخرجه في اثني عشر موضعاً، ولم أجد في شيء منها ما يتعلق بغرض المخرج، والله أعلم.
٢ وقال الهيثمي في "الزوائد" ص ١٥٦ ج ٢: رواه أبو يعلى. والطبراني في "الأوسط" ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.
٣ أخرجه البخاري في "أول كتاب الصلاة" ص ٥١، وفي "التقصير في باب القصر إذا خرج من موضعه" ص ١٤٨، وقبل "المغازي في باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه" ص ٥٦٠، وأخرجه مسلم في "كتاب المسافرين" ص ٣٤١ ج ١

<<  <  ج: ص:  >  >>