للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَّخُوا التَّارِيخَ وَهَذَا الرِّوَايَةُ تَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ زِيَادَةَ الصَّلَاةِ فِي الْحَضَرِ كَانَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ١، انْتَهَى. وَأَجَابَ الْخَصْمُ بِأَنَّهُ رَأْيٌ لَا رِوَايَةٌ، وَبِأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْمَفْرُوضِ الْأَوَّلِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ٢" عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ بِلَفْظِ: افْتَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، كَمَا افْتَرَضَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ٣. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَرَ، قَالَ: صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالسِّتِّينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَلَمْ يَقْدَحْهُ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ اعْتَرَضَهُ النَّسَائِيّ فِي "سُنَنِهِ٤" بِأَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا، فَقَالَ: وَابْنُ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُمَرَ، انْتَهَى. وَقَوَّى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، بِأَنَّ ابْنَ مَاجَهْ أَخْرَجَهُ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ، وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مُسْلِمًا حَكَمَ فِي "مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ" بِسَمَاعِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ عُمَرَ، فَقَالَ: وَأَسْنَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ حَفِظَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ٥ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ


١ قلت: قد تقدم في "المواقيت" ص ٢٢٣ حديث أبي مسعود، وفي: ص ٢٢٥، حديث أنس، فيهما أربع ركعات: الظهر. والعصر. والعشاء، قبل الهجرة.
٢ في "كتاب المسافرين" ٢٤١، والنسائي في "باب كيف فرضت الصلاة" ص ٧٩، وأحمد في "مسنده" ص ٣٥٥ ج ١.
٣ في "باب عدد صلاة العيد" ص ٢٣٢، والطحاوي: ص ٢٤٥، وابن ماجه في "باب تقصير الصلاة في السفر" ص ٧٦، وأحمد: ص ٣٧ ج ١، والطيالسي: ص ٢٠ ج ١٠.
٤هذا الحديث رواه النسائي في "الجمعة في باب عدد صلاة الجمعة أيضاً" ص ٢٠٩، وفي آخره، قال: أبو عبد الرحمن بن أبي ليلى، لم يسمع من عمر، اهـ.
٥ قلت: يؤيده أيضاً ما عند الطحاوي: ص ٢٠٩، صلى بنا عمر، وفي: ص ٢٤٥ خطبنا عمر، ولكن للتأويل فيها مجال، وأصرح منه ما رواه الدارقطني في "سننه" ص ٢٣٢، أبو بكر النيسابوري حدثنا محمد بن علي الوراق حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن ابن أبي ليلى، قال: كنت عند عمر، فأتاه راكب، فزعم أنه رأى الهلال، الحديث، ورواه ابن سعد في "طبقاته" ص ٧٥ ج ٦، عن مالك بن إسماعيل عن إسرائيل به، قال: كنت جالساً عند عمر، الحديث، وراجع "مسند أحمد" ص ٣٢ ج ١ أيضاً، ورواه البيهقي في "سننه" ص ٢٤٨ ج ٤ عن ورقاء عن عبد الأعلى عن عبد الرحمن، قال كنت، الحديث، وأما الزيادة التي رواها ابن ماجه. والبيهقي في "السنن" ص ١٩٩ ج ٣ فهي من رواية محمد بن بشر عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، وروى الحديث الثوري. ومحمد بن طلحة بن مصرف. وشريك عن زبيد، ولم يذكروا كعباً، وسأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث، وقال: قال أبي: الثوري أحفظ، ذكره في "العلل" ص ١٣٨ ج ١، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>