للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيَسْأَلُ عَنْهَا، حَتَّى انْجَلَتْ، قَالَ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. إلَّا أَنَّهُ بِزِيَادَةِ رَجُلٍ بَيْنَ أَبِي قِلَابَةَ. وَالنُّعْمَانِ، ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ الرَّجُلِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"١ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، حَتَّى انْتَهَى إلَى الْمَسْجِدِ، وَثَابَ النَّاسُ إلَيْهِ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، فَانْجَلَتْ الشَّمْسُ، فَقَالَ: "إنَّ الشَّمْسَ. وَالْقَمَرَ. آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَأَنَّهُمَا لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَصَلُّوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ٢، وَقَالَ فِيهِ: فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، كَمَا تُصَلُّونَ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَقَالَ فِيهِ: فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلَاتِكُمْ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مِثْلَ صَلَاتِكُمْ فِي الْكُسُوفِ، وَوَهَمَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ"، فَعَزَا هَذَا الْحَدِيثَ "لِلصَّحِيحَيْنِ"، وَإِنَّمَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ٣ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: كُنْت أَرْمِي بِأَسْهُمٍ لِي بِالْمَدِينَةِ، فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ، فَنَبَذْتُهَا، وَقُلْت: وَاَللَّهِ لَأَنْظُرَنَّ إلَى مَا حَدَثَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، قَالَ: فَانْتَهَيْت إلَيْهِ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يُسَبِّحُ، وَيَحْمَدُ وَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ، وَيَدْعُو حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا، فَلَمَّا حُسِرَ عَنْهَا، قَرَأَ سُورَتَيْنِ، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ، رَافِعٌ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يُسَبِّحُ، وَيَحْمَدُ، وَيُهَلِّلُ، إلَى آخِرِهِ، وَظَاهِرُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ بِرُكُوعٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ تَكَلَّفُوا لِلْجَوَابِ عَنْهُمَا، فَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَوْلُهُ: وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ "يَعْنِي فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ وَرُكُوعَانِ"، انْتَهَى. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ حُكْمِ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَسَكَتَ عَنْ الْأُخْرَى، وَفِي هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ إخْرَاجُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَأَيْضًا فَلَفْظُ النَّسَائِيّ: كَمَا تُصَلُّونَ. وَابْنِ حِبَّانَ: مِثْلَ صَلَاتِكُمْ، يَرُدُّ ذَلِكَ، وَتَأَوَّلَهُ الْمَازِرِيُّ، عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ تَطَوُّعٍ لَا كُسُوفٍ، فَإِنَّهُ إنَّمَا صَلَّى بَعْدَ الِانْجِلَاءِ، وَابْتِدَاؤُهَا بَعْدَ الِانْجِلَاءِ لَا يَجُوزُ، وَضَعَّفَهُ النَّوَوِيُّ بِمُخَالَفَتِهِ لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، قَالَ: بل يحمل قوله: فاتهيت إلَيْهِ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، عَلَى أَنَّهُ وَجَدَهُ فِي الصَّلَاةِ، كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، فَأَتَيْته، وَهُوَ قَائِمٌ فِي


١ البخاري: ١٤٥، والنسائي ٢٢١.
٢ النسائي في "باب الأمر بالدعاء في الكسوف" ص ٢٢٣، ولفظه: كما تصلون، اهـ. وكذا الطحاوي: ص ١٩٥، وأخرجه النسائي: ص ٢٢١، ولفظه: مثل صلاتكم هذه، وذكر كسوف الشمس، والحاكم في "المستدرك" ص ٣٣٥، ولفظه، إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ركعتين بمثل صلاتكم هذه في كسوف الشمس، اهـ، قلت: الظرف في حدث الحاكم يتعلق بصلى وكذا في حديث ابن حبان.
٣ مسلم: ص ٢٩٩، وأبو داود: ص ١٧٦، والحاكم: ص ٣٢٩ ج ١

<<  <  ج: ص:  >  >>