للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةِ، وَكَانَتْ السُّورَتَانِ بعد الانجلاء، وهذا لابد مِنْهُ، جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، انْتَهَى. وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ مَا ذكر الْمَازِرِيُّ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ وَرَدَ فِي أَبِي دَاوُد١ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيَسْأَلُ عَنْهَا حَتَّى تَجَلَّتْ الشَّمْسُ. قَالَ: وَهُوَ مُعْتَمَدٌ قَوِيٌّ لِلْكُوفِيِّينَ٢، غَيْرَ أَنَّ أَحَادِيثَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَصَحُّ، وَأَشْهُرُ، وَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ بَيْنَ الْجَوَازِ، وَذَلِكَ هُوَ السُّنَّةِ، انْتَهَى. وَقَدْ غَفَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ: فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"٣ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ فَزِعًا، يَجُرُّ ثَوْبَهُ، وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ انْجَلَتْ، فَقَالَ: "إنَّمَا هَذِهِ الْآيَاتُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا، كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنْ الْمَكْتُوبَةِ"، انْتَهَى. ثُمَّ رَوَاهُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثَنَا رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ، بِمَعْنَى حَدِيثِ مُوسَى، وَلَمْ يَسُقْ الْمَتْنَ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" بِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، قَالَ: وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُمَا عَلَّلَاهُ بِحَدِيثٍ يَرْوِيهِ رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ٤ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ٥ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ قَبِيصَةَ، قَالَ: وَهَذَا لَا يُعَلِّلُ حَدِيثًا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ قَبِيصَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" بِسَنَدٍ آخَرَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ أَنَّ جَدَّهُ عُبَيْدَ الله بن الوزاع حَدَّثَهُ حَدِيثَ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ، وَنَحْنُ مع رسول الله صلى الله عليه

وسلم بِالْمَدِينَةِ، فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ أَبِي دَاوُد، سَوَاءٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ بِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ، سَقَطَ بَيْنَ أَبِي قِلَابَةَ. وَقَبِيصَةَ رَجُلٌ، وَهُوَ: هِلَالُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": وَهَذَا لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ هِلَالًا ثِقَةٌ، انْتَهَى.


١ أبو داود في "باب من قال: يركع ركعتين" ص ١٧٦، والطحاوي: ص ١٩٥، وأحمد: ص ٢٦٧ ج ٤.
٢قال ابن عبد البر في "التمهيد": ومن أحسن حديث ذهب إليه الكوفيون حديث أبي قلابة عن النعمان، كذا في "الجوهر" وقال النووي في "المجموع" ص ٦٣ ج ٥: إسناده صحيح، وحسن.
٣ أبو داود في "باب من قال: أربع ركعات" ص ١٧٥، والحاكم في "المستدرك" ص ٣٣٣، والنسائي: ص ٢١٩، وأحمد ص ٦١ ج ٥.
٤ ريحان بن سعيد، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال البرديجي: حديث ريحان بن سعيد عن عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس منكر "الجوهر".
٥ عباد بن منصور ضعفه غير واحد، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق، رمي بالقدر، وكان يدلس، وتغير بآخره، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>