للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ١: وَسِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَسَائِرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِرَكْعَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِخْبَارُ عَنْ صَلَاتِهِ عليه الصلاة والسلام يَوْمَ الْكُسُوفِ، يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمَ، وَقَدْ أَثْبَتَ جَمَاعَةٌ مِنْ حُفَّاظِ الصَّحَابَةِ عَدَدَ رُكُوعِهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ٢، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": كُلُّ مَا وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ، وَقَوْلُهُ: مِثْلَ صَلَاتِنَا، أَوْ مِثْلَ صَلَاتِكُمْ، ظَنٌّ مِنْ الرَّاوِي، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ خُسُوفِ الْقَمَرِ: تَقَدَّمَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: "إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا"، وَفِي لَفْظٍ: "فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ"، أَخْرَجَاهُ٣ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ٤ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخْرَجَاهُ٥ أيضا حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَالْحَاكِمُ٦ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: "فَأَيُّهُمَا انْخَسَفَ فَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ"، وَلِلْبَيْهَقِيِّ٧ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ: "فَإِذَا خَسَفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَصَلُّوا"، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ، كَمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"٨ عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدِ ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ. وَالْقَمَرِ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. انْتَهَى. وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، سَكَتَ عَنْهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" ثُمَّ ابْنُ الْقَطَّانِ بَعْدَهُ، وَقَالَ: إنَّ ثَابِتَ بْنَ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدَ صَدُوقٌ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا٩ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ. وَالْقَمَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ١٠: فِيهِ سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ، ولا أعرف حاله، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَسْنُونَ اسْتِيعَابُ الْوَقْتِ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ، قُلْت: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ١١ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "إنَّ الشَّمْسَ. وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رأيتموها فَادْعُوَا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى تَنْكَشِفَ"، انْتَهَى.


١ ص ٣٣٤ ج ٣.
٢وكذا من روى، في كل ركعة ثلاث ركعات، وأكثر "الجوهر".
٣ البخاري في "باب خطبة الإِمام في الكسوف" ص ١٤٢، ومسلم ص ٢٩٦، حديث ابن عمر أخرجه "البخاري" ص ١٤٢، ومسلم: ص ٢٩٩.
٤ حديث جابر أخرجه مسلم: ص٢٩٩
٥ البخاري في باب"الصلاة" في كسوف الشمس" ص١٤٢ ومسلم:٢٩٩
٦ ص ٣٣٢ ج ١.
٧ ص ٣٣٧ ج ٣.
٨ الدارقطني ص ١٨٨، وقال الحافظ في "التلخيص": وفي إسناده نظر، وهو في مسلم، بدون ذكر: القمر، اهـ.
٩ ص ١٨٨.
١٠ وقال الحافظ في "التلخيص" ذكر القمر فيه مستغرب، اهـ.
١١ البخاري في "باب الدعاء في الكسوف" ص ١٤٥، ومسلم: ص ٣٠٠ ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>