للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ اسْتَغْنَى بِفَضِيلَةِ١ بُنُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ، كَمَا اسْتَغْنَى الشُّهَدَاءُ بِفَضِيلَةِ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي نَبِيٌّ عَلَى نَبِيٍّ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَكَانَ نَبِيًّا٢، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ: قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَإِنْ مَاتَ الْكَافِرُ، وَلَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يُغَسِّلُهُ وَيُكَفِّنُهُ وَيَدْفِنُهُ، بِذَلِكَ أُمِرَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فِي حَقِّ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد٣. وَالنَّسَائِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الضَّالَّ، قَدْ مَاتَ، قَالَ: "اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاك، ثُمَّ لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي"، فَذَهَبْت فَوَارَيْتُهُ، وَجِئْتُهُ، فَأَمَرَنِي، فَاغْتَسَلْت، وَدَعَا لِي، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ٤. وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَأَبُو يَعْلَى. وَالْبَزَّارُ فِي "مَسَانِيدِهِمْ"، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْغُسْلُ وَالْكَفَنُ، إلَّا أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: فَأَمَرَنِي، فَاغْتَسَلْتُ، فَإِنَّ الِاغْتِسَالَ شُرِعَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَلَمْ يُشْرَعْ مِنْ دَفْنِهِ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ. وَغَيْرُهُ

مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، إلَّا عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، فَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ"٥ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا أُخْبِرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بَكَى، ثُمَّ قال لي: "اذهب فاغسله، وَكَفِّنْهُ، وَوَارِهِ"، قَالَ: فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: "اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ"، قَالَ: وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ أَيَّامًا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الْآيَةَ، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"٦ الْحَدِيثَ بِسَنَدِ السُّنَنِ، قَالَ: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الْكَافِرَ قَدْ مَاتَ، فَمَا تَرَى فِيهِ؟ قَالَ: "أَرَى أَنْ تُغَسِّلَهُ، وَتَجُنَّهُ"، وَأَمَرَهُ بِالْغُسْلِ، انْتَهَى. وَرَوَى أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"٧ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيَّ عَنْ


١ لو كان هذا صحيحاً لم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا على المجنون، ولا على كافر أسلم، ثم مات، متصلاً، من غير اقتراف ذنب "شرح المهذب".
٢ ولكن بحديث ضعيف، رواه ابن ماجه، وأما الصحيح في البخاري، فهو أثر، وروى من بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣ أبو داود في "باب الرجل يموت له قرابة مشرك" ص ١٠٢ ج ٣، والنسائي في "باب مواراة المشرك" ص ٢٨٣، وفي "الطهارة في باب الغسل من مواراة المشرك" ص ٤١، وابن سعد: ص ٧٩، القسم الأول، والبيهقي: ص ٣٩٨ ج ٣.
٤ أحمد في "مسنده" ص ٩٧ ج ١، وابن أبي شيبة: ص ٩٥، وص ١٤٢، الجزء الثالث.
٥ ابن سعد في "طبقاته" ص ٧٨ ج ١، القسم الأول، والبيهقي في "سننه" ص ٣٠٥ بإسناد آخر، وضعفه.
٦ ابن أبي شيبة: ص ١٤٢، الجزء الثالث، وفيه "تحنطه".
٧ وأحمد في "مسنده" ص ١٠٣، وص ١٢٩، والبيهقي: ص ٣٠٤ ج ١، وقال النووي "في شرح المهذب" ص ٢٥٨ ج ٥: حديث علي ضعيف، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>