للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْت: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: "اذْهَبْ فَوَارِهِ، وَلَا تُحْدِثُ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي"، قَالَ: فَوَارَيْته، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، قَالَ: "اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ"، فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا حُمُرَ النَّعَمِ أَوْ سُودَهَا، قَالَ: وَكَانَ عَلِيٌّ إذَا غَسَّلَ مَيِّتًا اغْتَسَلَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ١. وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ. وَابْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مَسَانِيدِهِمْ" عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ بِهِ، بِلَفْظِ السُّنَنِ، زَادَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ: فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا، قَالَ: اذْهَبْ فَوَارِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ الْوُسْطَى"٢، ثُمَّ قَالَ: وَنَاجِيَةُ بْنُ كَعْبٍ لَا يعلم روى عنه روى غَيْرُ أَبِي إسْحَاقَ، قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. وَغَيْرُهُ مِنْ الْحُفَّاظِ، انْتَهَى. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ" حَدِيثَ عَلِيٍّ هَذَا مِنْ طُرُقٍ، وَقَالَ: إنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ، وَأَسَانِيدُهُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَبَعْضُهَا مُنْكَرٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ، فَلْيَتَوَضَّأْ، فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد٣. وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَسَطَ الْبَيْهَقِيُّ الْقَوْلَ فِي طُرُقِهِ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ وَقْفُهُ، قَالَ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَابْنِ الْمَدِينِيِّ، قَالَا: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، شَيْخُ الْبُخَارِيِّ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا ثَابِتًا، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ. وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَمِنْ الْحِجَامَةِ. وَغُسْلِ الْمَيِّتِ، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد٤ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مَنْعِهِ الْمُسْلِمَ غَسْلَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَدَفْنِهِ، بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"٥، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّيَّ تُوُفِّيَتْ، وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَحْضُرَهَا، فَقَالَ لَهُ عليه السلام: "ارْكَبْ دَابَّتَكَ، وَسِرْ أَمَامَهَا، فَإِنَّك إذَا كُنْتَ أَمَامَهَا لَمْ تَكُنْ مَعَهَا"، انْتَهَى. وَهَذَا مَعَ ضَعْفِهِ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ، كَمَا تَرَاهُ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِخُصُومِهِ بِحَدِيثِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا أَيْضًا مَمْنُوعٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

أَحَادِيثُ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ فِيهِ حَدِيثُ النَّجَاشِيِّ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ٦ مِنْ


١ الطيالسي: ص ١٩، وابن جارود في "المنتقى" ص ٢٦٩.
٢ البيهقي في "الكبرى" ص ٣٠٤ ج ١.
٣ أبو داود في "باب الغسل من غسل الميت" ص ٩٤ ج ٤، والترمذي فيه: ص ١١٨، والبيهقي: ص ٣٠١.
٤ أبو داود: ص ٩٤ ج ٢.
٥ الدارقطني: ص ١٩٢، وقال: أبو معشر ضعيف.
٦ البخاري في "باب التكبير على الجنازة أربعاً" ص ١٧٨، من حديث أبي هريرة، وجابر، وكذا مسلم: ص ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>