للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: صَاعُنَا هَذَا صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْت لَهُمْ: مَا حُجَّتُكُمْ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: نَأْتِيك بِالْحُجَّةِ غَدًا، فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَانِي نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ شَيْخًا مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ الصَّاعُ تَحْتَ رِدَائِهِ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، أَنَّ هَذَا صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرْت فَإِذَا هِيَ سَوَاءٌ، قَالَ: فَعَيَّرْته، فَإِذَا هُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ، فَرَأَيْت أَمْرًا قَوِيًّا، فَتَرَكْت قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه فِي الصَّاعِ، وَأَخَذْت بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَالِكًا ناظره، واستدل عليه بالصيعان الَّتِي جَاءَ بِهَا أُولَئِكَ الرَّهْطُ، فَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إلَى قَوْلِهِ. وَقَالَ عُثْمَانُ بن سعيد الدرامي: سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: عَيَّرْت صَاعَ النَّبِيِّ عليه السلام، فَوَجَدْته خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثَ رِطْلٍ بِالتَّمْرِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"١ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُدِّ الَّذِي يَقْتَاتُ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، أَوْ الصَّاعِ الَّذِي يُقْتَاتُ بِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ كُلُّهُمْ، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَهُوَ الْحُجَّةُ لِمُنَاظَرَةِ مَالِكٍ، وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، انْتَهَى. وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" لِلشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، بِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الْفِدْيَةِ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام، قَالَ لَهُ: "صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ٢، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا٣: فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُطْعِمَ فَرْقًا بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ يُهْدِي شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالَ: فَقَوْلُهُ: نِصْفُ صَاعٍ حُجَّةٌ لَنَا، قَالَ ثَعْلَبٌ: وَالْفَرْقُ: اثْنَا عَشَرَ مُدًّا، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْفَرْقُ: سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا، وَالصَّاعُ ثُلُثُ الْفَرْقِ، خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُث، وَالْمُدُّ: رِطْلٌ وَثُلُثٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ٤ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: قَدِمَتْ الْمَدِينَةَ، فَأَخْرَجَ إلَيَّ مَنْ أَثِقُ بِهِ صَاعًا، وَقَالَ: هَذَا صَاعُ النَّبِيِّ عليه السلام، فَوَجَدْته خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَسَمِعْت ابْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ: الَّذِي أَخْرَجَهُ لِأَبِي يُوسُفَ هُوَ مَالِكٌ، وَسَمِعْت أَبَا حَزْمٍ يَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: هُوَ تَحَرِّي عَبْدِ الْمَلِكِ بِصَاعِ عُمَرَ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: هَكَذَا كَانَ صَاعُ عُمَرَ يَعْنِي ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ.قُلْت: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ ٥


١ ص ٤١٢ ج ١.
٢ البخاري في "باب الاطعام في الفدية نصف صاع" ص ٢٤٤، ومسلم في "جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى" ص ٣٨٢.
٣ هذا اللفظ في البخاري في "المناسك في باب النسك شاة" ص ٢٣٤، ومسلم: ص ٣٨٢ ج ١.
٤ الطحاوي: ص ٣٢٤.
٥ ابن أبي شيبة: ص ٥٤ ج ٣، وفيه حنشاً، بدل: حسن بن صالح، والباقي سواء، والرواية الثانية: أبو عبيد في "كتاب الأموال" ص ٥١٨، أيضاً، قال: حدثني عبد الله بن داود عن على بن صالح به.

<<  <  ج: ص:  >  >>