للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففتحت البيت وأخرجته وردت المفتاح إِلَى مكانه فلما طلب فلم يوجد زاد افتتان الناس به فخرج إِلَى الشام فسمى كرميتة باسم الذي كان نازلا عَلَيْهِ ثم خفف فَقِيلَ قرمط ثم توارث مكانه أهله وأولاده والثاني أن القوم قد لقبوا بهذا نسبة إِلَى رجل يقال لَهُ حَمْدَان قرمط كان أحد دعاتهم فِي الابتداء فاستجاب لَهُ جماعة فسموا قرامطة وقرمطية وكان هَذَا الرَّجُل من أهل الكوفة وكان يميل إِلَى الزهد فصادفه أحد دعاة الباطنية فِي فريق وَهُوَ متوجه إِلَى قرية وبين يديه بقر يسوقها فَقَالَ حَمْدَان لذلك الراعي وَهُوَ لا يعرفه أين مقصدك فذكر قرية حَمْدَان فَقَالَ لَهُ أركب بقرة من هذه لئلا تتعب فَقَالَ إني لم أؤمر بذلك فَقَالَ وكأنك لا تعمل إلا بأمر قَالَ نعم قَالَ وبأمر من تعمل قَالَ بأمر مالكي ومالكك ومالك الدنيا والآخرة فَقَالَ ذلك إذن هو اللَّه رب العالمين فَقَالَ صدقت قَالَ لَهُ فما غرضك فِي هذه القرية التي تقصدها قَالَ أمرت أن أدعو أهلها من الجهل إِلَى العلم ومن الضلالة إِلَى الهدى ومن الشقاء إِلَى السعادة وأن أستنقذهم من ورطات الذل والفقر وأملكهم مَا يستغنون به عَن الكد فَقَالَ لَهُ حَمْدَان أنقذني أنقذك اللَّه وأفض علي من العلم مَا تحييني به فما أشد احتياجي إِلَى مثل هَذَا فَقَالَ مَا أمرت أن أخرج السر المخزون إِلَى كل أحد إلا بعد الثقة به والعهد إليه فَقَالَ أذكر عهدك فاني ملتزم به فَقَالَ لَهُ أن تجعل لي وللإمام عَلَى نفسك عهد اللَّه وميثاقه ألا تخرج سر الإمام الذي ألقيه إليك ولا نفس سري أيضا فالتزم حَمْدَان عهده ثم اندفع الداعي فِي تعليمه فنون جهله حتى استغواه فاستجاب لَهُ ثم انتدب للدعاء وصار أصلا من أصول هذه الْبِدْعَة فسمي أتباعه القرامطة والقرمطية ثم لم يزل بنوه وأهله يتوارثون مكانه وكان أشدهم بأسا رجل يقال لَهُ أَبُو سَعِيد ظهر فِي سنة ست وثمانين ومائتين وقوى أمره وقتل مَا لا يحصى من المسلمين وخرب المساجد وأحرق المصاحف وفتك بالحاج وسن لأهله وأصحابه سننا وأخبرهم بمحالات وكان إذا قاتل يَقُول وعدت النصر فِي هذه الساعة فلما مات بنوا عَلَى قبره قبة وجعلوا عَلَى رأسها طائرا من جص وقالوا إذا طار هَذَا الطائر خرج أَبُو سَعِيد من قبره وجعلوا عند القبر فرسا وخلعة ثياب وسلاحا وَقَدْ سول إبليس لهذه الْجَمَاعَة أنه من مات وعلى قبره فرس حشر راكبا وإن لم يكن لَهُ فرس حشر ماشيا وكان أصحاب أبي سَعِيد يصلون عَلَيْهِ إذا ذكروه ولا يصلون عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سمعوا من يصلي عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون أتأكل رزق أبي سَعِيد وتصلي عَلَى أبي القاسم وخلف بعده ابنه أبا طاهر ففعل مثل فعله وهجم عَلَى الكعبة فأخذ مَا فيها من الذخائر وقلع الحجر الأسود فحمله إِلَى بلده وأوهم الناس أنه اللَّه عز وجل.

<<  <   >  >>