له فِي ذلك تلبيسان الأَوَّل أنهم يقولون لا يبكي عَلَى هالك ومن بكى عَلَى هالك خرج عَنْ طريق أهل المعارف قَالَ ابْن عقيل وهذه دعوى تزيد عَلَى الشرع فهي حديث خرافة وتخرج عَنِ العادات والطباع فهي انحراف عَنِ المزاج المعتدل فينبغي أن يطالب لها بالعلاج بالأدوية المعدلة للمزاج فَإِن اللَّه تعالى أخبر عَنْ نبي كريم فَقَالَ:{وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} وقال: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} وبكى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند موت ولده وقال: "إن العين لتدمع" وقال: "واكرباه" وقالت فاطمة رضي اللَّه عنها وأكرب أبتاه فلم ينكر وسمع عُمَر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه متمما يندب أخاه ويقول:
وكنا كندماني جزيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فقال عُمَر رضي اللَّه عنه ليتني كنت أقول الشعر فأندب أخي زيدا فَقَالَ متمم لو مات أخي كَمَا مات أخوك مَا رثيته وكان مالك مات عَلَى الكفر وزيد قتل شهيدا فَقَالَ عُمَر مَا عزائي أحد فِي أخي كمثل تعزيتك ثم لا تزال الإبل الغليظة الأكباد تحن إِلَى مآلفها من الأعطان والأشخاص وترغو للفصلان وحمام الطير ترجع وكل مأخوذ من البلاء فلا بد أن يتضرع ومن لم تحركه المسار والمطربات وتزعجه المخزيات فهو إِلَى الجماد به أقرب وقد أبان النبي عَلَيْهِ الصلاة السلام عَنِ العيب فِي الخروج عَنْ سمت الطبع فَقَالَ للذي قَالَ لم أقبل أحدا من ولدي وكان لَهُ عشرة من الولد فَقَالَ أَوْ أملك لك أن نزع اللَّه الرحمة من قلبك وجعل يلتفت