قال المصنف: قد يسقط الإنسان الفرض بالحج مرة ثم يعود لا عَنْ رضاء الوالدين وهذا خطأ وربما خرج وعليه ديون أَوْ مظالم وربما خرج للنزهة وربما حج بمال فيه شبهة ومنهم من يجب أن يتلقى ويقال الحاج وجمهورهم يضيع فِي الطريق فرائض من الطهارة والصلاة ويجتمعون حول الكعبة بقلوب دنسة وبواطن غير نقية وإبليس يريهم صورة الحج فيغرهم وإنما المراد من الحج القرب بالقلوب لا بالأبدان وإنما يكون ذلك مَعَ القيام بالتقوى وكم من قاصد إِلَى مكة همته عدد حجاته فيقول لي عشرون وقفة وكم من مجاور قد طال مكثه ولم يشرع فِي تنقية باطنه وربما كانت همته متعلقة بفتوح يصل إليه ممن كان وربما قَالَ أن لي الْيَوْم عشرين سنة مجاورا وكم قد رأيت فِي طريق مكة من قاصد إِلَى الحج يضرب رفقاءه عَلَى الماء ويضايقهم فِي الطريق.
وقد لبس إبليس عَلَى جماعة من القاصدين إِلَى مكة فهم يضيعون الصلوات ويطففون إذا باعوا ويظنون أن الحج يدفع عنهم وَقَدْ لبس إبليس عَلَى قوم منهم فابتدعوا فِي المناسك مَا ليس منها فرأيت جماعة يتصنعون فِي إحرامهم فيكشفون عَنْ كتف واحدة ويبقون فِي الشمس أياما فتكشط جلودهم وتنتفخ رؤوسهم ويتزينون بين الناس بذلك وفي أفراد البخاري من حديث ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلا يطوف بالكعبة بزمام فقطعه وفي لفظ آخر رأى رجلا يقود إنسانا بخزامة فِي أنفه فقطعها بيده ثم أمره فِي أن يقوده بيده.
قَالَ المصنف وهذا الحديث يتضمن النهي عَن الابتداع فِي الدين وإن قصدت بذلك الطاعة.
فصل: وقد لبس عَلَى قوم يدعون التوكل فخرجوا بلا زاد وظنوا أن هذا هو التوكل وهم عَلَى غاية الخطأ قَالَ رجل للإمام أَحْمَد بْن حنبل رَضِيَ اللَّهُ عنه أريد أن أخرج إِلَى مكة عَلَى