سمعت أبا بَكْر البجلي يَقُول سمعت أبا عثمان بْن الآدمي قَالَ كان أَبُو عُبَيْد التستري إذا كان أول يوم من شهر رمضان يدخل البيت ويقول لامرأته طيني باب البيت وألق إلي كل ليلة من الكوة رغيفا فَإِذَا كان يوم العيد دخلت فوجدت ثلاثين رغيفا فِي الزاوية ولا أكل ولا شرب ولا يتهيأ لصلاة ويبقى عَلَى طهر واحد إِلَى آخر الشهر.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: هذه الحكاية عندي بعيدة عَنِ الصحة من وجهين أحدها بقاء الآدمي شهرا لا يحدث بنوم ولا بول ولا غائط ولا ريح والثاني ترك المسلم صلاة الجمعة والجماعة وهي واجبة لا يحل تركها فَإِن صحت هذه الحكاية فما أبقى إبليس لهذا فِي التلبيس بقية قَالَ أَنْبَأَنَا زاهر بْن طاهر نا أحمد بْن الْحُسَيْن البيهقي ثنا الحاكم أَبُو عَبْد اللَّهِ النيسابوري وسمعت أبا الْحَسَن البوشنجي الصوفي غير مرة يعاتب فِي ترك الجمعة والجماعة والتخلف عنها فيقول إن كانت البركة فِي الْجَمَاعَة فَإِن السلامة في العزلة.
فصل: وقد جاء النهي عَنِ الانفراد الموجب للبعد عَنِ العلم والجهاد للعدو أَخْبَرَنَا ابْن الحصين نا أَبُو عَلِيّ بْن المذهب نا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْن أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أبي ثنا أَبُو المغيرة ثنا معان بْن رفاعة ثني عَلِيّ بْن زيد عَنْ القاسم عَنْ أبي أمامة قَالَ خرجنا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سرية من سراياه قَالَ فمر رجل بغار فيه شيء من ماء قَالَ فحدث نفسه بأن يقيم فِي ذلك الغار فيقوته مَا كان فيه وفيه شيء من ماء ويصيب مَا حوله من البقل ويتخلى عَنِ الدنيا ثم قَالَ لو أني أتيت نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت ذلك لَهُ فَإِن أذن لي فعلت وإلا لم أفعل فأتاه فَقَالَ يا نبي اللَّه إني مررت بغار فيه مَا يقوتني من الماء والبقل فحدثتني نفسي بأن أقيم فيه وأتخلى عَنِ الدنيا قَالَ فَقَالَ نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَنْ أُبْعَثَ بِالْيَهُودِيَّةِ وَلا بِالنَّصْرَانِيَّةِ وَلَكِنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَمَقَامُ أَحَدِكُمْ فِي الصَّفِّ خَيْرٌ مِنْ صَلاتِهِ سِتِّينَ سَنَةً".