للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثنا الفضل بْن الفضل الكندي ثنى أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْدِ الْوَاحِد بْن جَعْفَر الواسطي ثنا مُحَمَّدُ بْنُ السفاح عَنْ عَلِيّ بْن سَهْل المصري قَالَ أخبرني فتح الموصلي قَالَ خرجت حاجا فلما توسطت البادية إذا أنا بغلام صغير فقلت يا عجبا بادية بيداء وأرض قفراء وغلام صغير فأسرعت فلحقته فسلمت عَلَيْهِ ثم قلت يا بني إنك غلام صغير لم تجر عليك الأحكام قَالَ يا عم قد مات من كان أصغر سنا مني فقلت وسع خطاك فَإِن الطرق بعيد حتى تلحق المنزل فَقَالَ يا عُمَر علي المشي وعلى اللَّه البلاغ أما قرأت قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} فقلت لَهُ مالي لا أرى معك لا زادا ولا راحلة فَقَالَ يا عم زادي يقيني وراحلتي رجائي قلت سألتك عَنِ الخبز والماء قَالَ يا عم أخبرني لو أن أخا من إخوانك أَوْ صديقا من أصدقائك دعاك إِلَى منزله أكنت تستحسن أن تحمل معك طعاما فتأكله فِي منزله فقلت أزودك فَقَالَ إليك عني يا بطال هو يطعمنا ويسقينا قَالَ فتح فما رأيت صغيرا أشد توكلا مِنْهُ ولا رأيت كبيرا أشد زهدا مِنْهُ.

قَالَ المصنف رحمه اللَّه: بمثل هذه الحكاية تفسد الأمور ويظن أن هَذَا هو الصواب ويقول الكبير إذا كان الصغير فقد فعل هَذَا فأنا أحق بفعله مِنْهُ وليس العجب من الصبي بل من الذي لقيه كيف لم يعرفه أن هَذَا الذي يفعله منكر وأن الذي استدعاك أمرك بالتزود من ماله يتزود ولكن مضى عَلَى هَذَا كبار القوم فكيف الصغار أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز نا أَبُو بَكْر أحمد بْن عَلِيٍّ الْحَافِظ نا أَبُو نعيم الأصفهاني قَالَ سمعت مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ بْن عَلِيٍّ اليعيظي يَقُول حضرت أبا عَبْد اللَّهِ الجلاء وقيل لَهُ عَنْ هؤلاء الذين يدخلون البادية بلا زاد ولا عدة يزعمون أنهم متوكلون فيموتون فِي البراري فَقَالَ هَذَا فعل رجال الحق فَإِن ماتوا فالدية عَلَى القاتل أَخْبَرَنَا ابْن ناصر أَنْبَأَنَا أحمد بْن عَلِيّ بْن خلف نا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ سمعت أبا الْحُسَيْن الْفَارِسِيّ يَقُول سمعت أحمد بْن عَلِيّ يَقُول قَالَ رجل لأبي عَبْد اللَّهِ بْن الجلاء مَا تقول فِي الرَّجُل يدخل البادية بلا زاد قَالَ هَذَا من فعل رجال اللَّه قَالَ فَإِن مات قَالَ الدية عَلَى القاتل.

قَالَ المصنف رحمه اللَّه: قلت هذه فتوى جاهل بحكم الشرع إذ لا خلاف بين فقهاء الإسلام أنه لا يجوز دخول البادية بغير زاد وإن من فعل ذلك فمات بالجوع فإنه عاص لله تعالى مستحق لدخول النار وكذلك إذا تعرض بما غالبه العطب فَإِن اللَّه جعل النفوس وديعة عندنا فَقَالَ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ وَقَدْ تكلمنا فيما تقدم فِي وجوب الاحتراز من المؤذي ولو لم يكن المسافر بغير زاد إلا أنه خالف أمر اللَّه في قوله وتزودوا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حبيب نا أَبُو

<<  <   >  >>