إِلَى مكة لما خرج فالمطالب لما يخرج عَنِ الشرائع وينبو عَنِ الطباع جاهل يطالب بجهل وَقَدْ قنع الشرع منا أن لا نلطم خذا ولا نشق جيبا فأما دمعة سائلة وقلب حزين فلا عيب فِي ذلك التلبيس الثاني أنهم يعملون عند موت الميت دعوة ويسمونها عرسا ويغنون فيها ويرقصون ويلعبون ويقولون نفرح للميت إذ وصل إِلَى ربه والتلبيس فِي هَذَا عليهم من ثَلاثَة أوجه أحدها أن المسنون أن يتخذ لأهل الميت طعاما لاشتغالهم بالمصيبة عَنْ إعداد الطعام لأنفسهم وليس من السنة أن يتخذه أهل الميت ويطعمونه إِلَى غيرهم والأصل فِي اتخاذ الطعام لأجل الميت ما أَخْبَرَنَا به أَبُو الفتح الكروخي نا أَبُو عَامِرٍ الأَزْدِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ العورجي قَالَ أَخْبَرَنَا الجراحي ثنا المحبوبي ثنا التِّرْمِذِيّ ثنا أحمد بْن منيع وعلي بْن حجر قالا حَدَّثَنَا سفيان بْن عيينة عَنْ جَعْفَر بْن خالد عَنْ أبيه عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر قَالَ لما جاء نعي جَعْفَر فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"اصَنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ" قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ والثاني أنهم يفرحون للميت ويقولون وصل إِلَى ربه ولا وجه للفرح لأنا لا نتيقن أنه غفر لَهُ وما يؤمنا أن نفرح لَهُ وَهُوَ فِي المعذبين وَقَدْ قَالَ عُمَر بْن زِرّ لما مات ابنه لقد شغلني الحزن لك عَنِ الحزن عليك أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّل نا ابْن المظفر نا ابْنُ عين ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا أَبُو اليماني نا شعيب عَنْ الزهري ثني خارجة بْن زيد الأنصاري عَنْ أم العلاء قالت لما مات عثمان بْن مظعون دخل علينا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت رحمة اللَّه عليك أبا السايب فشهادتي عليك لقد أكرمك اللَّه فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ" والثالث أنهم يرقصون ويلعبون فِي تلك الدعوة فيخرجون بهذا عَنِ الطباع السليمة التي يؤثر عندها الفراق ثم إن كان ميتهم قد غفر لَهُ فما الرقص واللعب بشكرهم وإن كان معذبا فأين أثر الحزن.