وخشونته ومنعهم شرب الماء البارد فلما بلغ إِلَى المتأخرين استراح من التعب واشتغل بالتعجب من كثرة أكلهم ورفاهية عيشهم.
ذكر طرف مما فعله قدماؤهم
قال المصنف رحمه اللَّه: كان فِي القوم من يبقى الأيام لا يأكل إلا أن تضعف قوته وفيهم من يتناول كل يوم الشيء اليسير الذي لا يقيم البدن فروي لنا عَنْ سَهْل بْن عَبْدِ اللَّهِ أنه كان فِي بدايته يشتري بدرهم دبسا وبدرهمين سمنا وبدرهم دقيق الأرز فيخلطه ويجعله ثلاثمائة وستين كرة فيفطر كل ليلة عَلَى واحدة وحكى عنه أَبُو حامد الطوسي قَالَ كان سَهْل يقتات ورق النبق مدة وأكل دقاق التبين مدة ثلاث سنين واقتات بثلاث دراهم فِي ثلاث سنين أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حبيب العامري نا أَبُو سَعْد بْن أبي صَادِق نا أَبُو باكويه ثني أَبُو الفرج بْن حمزة التكريتي ثني أَبُو عَبْد اللَّهِ الحصري قَالَ سمعت أبا جعفر الحداد يَقُول أشرف علي أَبُو تراب يوما وأنا عَلَى بكرة ماء ولي ستة عشر يوما ولم آكل شيئا ولم أشرب فيها ماء فَقَالَ مَا جلوسك ههنا فقلت أنا بين العلم واليقين وأنا أنظر من يغلب فأكون معه فَقَالَ سيكون لك شأن أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر ابْن حبيب نا ابْن أبي صَادِق ثنا ابْنُ باكويه نا عَبْدُ الْعَزِيز بْن الفضل ثنا عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّهِ العمري ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فليح ثني إِبْرَاهِيم بْن البنا البغدادي قَالَ صحبت ذا النون من أخميم إِلَى الإسكندرية فلما كان وقت إفطاره أخرجت قرصا وملحا كان معي وقلت هلم فَقَالَ لي ملحك مدقوق قلت نعم قَالَ لست تفلح فنظرت إِلَى مزوده فَإِذَا فيه قليل سويق شعير يستف مِنْهُ أَخْبَرَنَا ابْن ظفر نا ابْن السراج نا عَبْدُ العزيز ابن علي الأزجي نا ابْنُ جهضم ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْن هارون الدقاق ثنا أَحْمَد بْن أنس بْن أبي الحواري سمعت أبا سُلَيْمَان يَقُول الزبد بالعسل إسراف قال ابْن جهضم وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يوسف البصري قَالَ سمعت أبا سَعِيد صاحب سَهْل يَقُول بلغ أبا عَبْد اللَّهِ الزبيري وزكريا الساجي وابن أبي أوفى أن سَهْل بْن عَبْدِ اللَّهِ يَقُول أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ فَاجْتَمَعُوا عِنْدَهُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرِيُّ فَقَالَ لَهُ بَلَغَنَا أَنَّكَ قُلْتَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ فَبِمَاذَا أَنَبِيٌّ أَنْتَ أَصِدِّيقٌ أَنْتَ قَالَ سَهْلٌ لَمْ أَذْهَبْ حَيْثُ تَظُنُّ وَلَكِنْ إِنَّمَا قلت هذا هذا لأخدي الْحَلالَ فَتَعَالَوْا كُلُّكُمْ حَتَّى نُصَحِّحَ الْحَلالَ قَالُوا فَأَنْتَ قَدْ صَحَحَّتَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَكَيْفَ قَالَ سَهْلٌ قَسَمْتُ عَقْلِي وَمَعْرِفَتِي وَقُوتِي عَلَى سَبْعَةِ أَجْزَاءَ فَأَتْرُكْهُ حَتَّى يَذْهَبَ مِنْهَا سِتَّةُ أَجْزَاءٍ وَيَبْقَى جُزْءٌ وَاحِدٌ فَإِذَا خِفْتَ أَنْ يَذْهَبَ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَيَتْلَفَ مَعَهُ نَفْسِي خِفْت أَنْ أَكُونَ قَدْ أَعَنْتُ عَلَيْهَا وَقَتَلْتُهَا دَفَعْتُ إِلَيْهَا مِنَ الْبُلْغَةِ مَا يَرُدُّ السِّتَّةَ الأَجْزَاءَ.