الكلبي قَالَ إنما سمي الغوث بْن مرصوفة لأنه مَا كان يَعِيش لأمه ولد فنذرت لئن عاش لتعلقن برأسه صوفة ولتجعلنه ربيط الكعبة ففعلت فَقِيلَ لَهُ صوفة ولولده من بعده قَالَ الزبير وحدثني إبراهيم بْن المنذري عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن عمران قَالَ أخبرني عقال بْن شبة قَالَ قالت أم تميم بْن مر وَقَدْ ولدت نسوة فقالت لله علي أن ولدت غلاما لأعبدنه للبيت فولدت الغوث بْن مر فلما ربطته عند البيت أصابه الحر فمرت به وَقَدْ سقط واسترخى فقالت مَا صار ابني إلا صوفة فسمي صوفة وكان الحج وإجازة الناس من عرفة إِلَى منى ومن منى إِلَى مكة لصوفة.
فلم تزل الإجازة فِي عقب صوفة حتى أخذتها عدوان فلم تزل فِي عدوان حتى اخذتها قريش.
فصل: قَالَ المصنف: وَقَدْ ذهب قوم إِلَى أن التصوف منسوب إِلَى أهل الصفة وإنما ذهبوا إِلَى هَذَا لأنهم رأوا أهل الصفة عَلَى مَا ذكرنا من صفة صوفة فِي الانقطاع إِلَى اللَّه عز وجل وملازمة الفقر فَإِن أهل الصفة كانوا فقراء يقدمون عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما لهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة فِي مسجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقيل أهل الصفة والحديث بإسناد عَن الْحَسَن قَالَ بنيت صفة لضعفاء المسلمين فجعل المسلمون يوصلون إليها مَا استطاعوا من خير وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتيهم فيقول السلام عليكم يا أهل الصفة فيقولون وعليك السلام يا رَسُول اللَّهِ فيقول كيف أصبحتم فيقولون بخير يا رَسُول اللَّهِ وبإسناد عَنْ نعيم بْن المجمر عَنْ أبيه عَنْ أبي ذر قَالَ كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيأمر كل رجل فينصرف برجل فيبقى من بقي من أهل الصفة عشرة أَوْ أقل فيؤثرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعشائه فنتعش فَإِذَا فرغنا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ناموا فِي المسجد".
قَالَ المصنف: وهؤلاء القوم إنما قعدوا فِي المسجد ضرورة وإنما أكلوا من الصدقة ضرورة فلما فتح اللَّه عَلَى المسلمين استغنوا عَنْ تلك الحال وخرجوا ونسبة الصوفي إِلَى أهل الصفة غلط لأنه لو كان كذلك لقيل صفي وَقَدْ ذهب إِلَى أنه من الصوفانة وهي بقلة رعناء قصيرة فنسبوا إليها لاجتزائهم بنبات الصحراء وهذا أيضا غلط لأنه لو نسبوا إليها لقيل صوفاني وقال آخرون هو منسوب إِلَى صوفة القفا وهي الشعرات النابتة فِي مؤخره كأن الصوفي عطف به إِلَى الحق وصرفه عَن الخلق وقال آخرون بل هو منسوب إِلَى الصوف وهذا يحتمل والصحيح الأَوَّل.