ذكر تلبيس إبليس عَلَى الصوفية فِي الأسفار والسياحة.
قد لبس إبليس عَلَى خلق كثير منهم فأخرجهم إِلَى السياحة لا إِلَى مكان معروف ولا إِلَى طلب علم وأكثرهم يخرج عَلَى الوحدة ولا يستصحب زادا ويدعي بذلك الفعل التوكل فكم تفوته من فضيلة وفريضة وَهُوَ يرى أنه فِي ذلك عَلَى طاعة وأنه يقرب بذلك من الولاية وَهُوَ من العصاة المخالفين لسنة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأما السياحة والخروج لا إِلَى مكان مقصود فقد نهى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السعي فِي الأَرْض فِي غير أرب حاجة أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر نا الْمُبَارَك بْن عَبْدِ الجبار نا إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البرمكي نا ابْن حياة نا عُبَيْد اللَّه بْن عَبْدِ الرَّحْمَن السكري قَالَ سَمِعْتُ أبا مُحَمَّد بْن قتيبة يَقُول ثني مُحَمَّد بْن عُبَيْد عَنْ مُعَاوِيَة عن عمرو عَنْ أبي إِسْحَاق عَنْ سفيان عَنِ ابْن جريج عَنْ مسلم عَنْ طاوس أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا زِمَامَ وَلا خِزَامَ وَلا رَهْبَانِيَةَ وَلا تَبَتُّلَ وَلا سِيَاحَةَ فِي الإِسْلامِ قال ابْن قتيبة الزمام فِي الأنف والخزام حلقة من شعر يجعل فِي أحد جانبي المنخرين وأراد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كان عباد بني إسرائيل يفعلونه من خزم التراقي وزم الأنوف والتبتل وترك النكاح والسياحة مفارقة الأمصار والذهاب فِي الأَرْض وروى أَبُو داود فِي سننه من حديث أبي أمامة أن رجلا قَالَ يا رَسُول اللَّهِ ائذن لي فِي السياحة فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن سياحة أمتي الجهاد فِي سبيل اللَّه".
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: وَقَدْ ذكرنا فيما تقدم من حديث ابْن مظعون أنه قَالَ يا رَسُول اللَّهِ إن نفسي تحدثني بأن أسيح فِي الأَرْض فَقَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ: "مهلا يا عثمان فَإِن سِيَاحَةَ أُمَّتِي الْغَزْوُ فِي سَبِيلِ اللَّه والحج والعمرة" وقد روى إسحاق بن إبراهيم بن هانىء عَن أحمد بْن حنبل أنه سئل عَنِ الرَّجُل يسيح يتعبد أحب إليك أَوِ المقيم فِي الأمصار قَالَ مَا السياحة من الإسلام فِي شيء ولا من فعل النبيين ولا الصالحين.