قال المصنف: وَقَدْ لبس إبليس عَلَى أقوام فقالوا بالتناسخ وأن أرواح أهل الخير إذا خرجت دخلت فِي أبدان خيرة فاستراحت وأرواح أهل الشر إذا خرجت تدخل فِي أبدان شريرة فيتحمل عليها المشاق وهذا المذهب ظهر فِي زمان فرعون مُوسَى وذكر أَبُو القاسم البلخي أن أرباب التناسخ لما رأوا ألم الأطفال والسباع والبهائم استحال عندهم أن يكون ألمها يمتحن به غيرها أَوْ ليتعوض أولا لمعنى أكثر من أنها مملوكة فصح عندهم أن ذلك لذنوب سلفت منها قبل تلك الحال وذكر يَحْيَى بْن بِشْر بْن عمير النهاوندي أن الهند يقولون الطبائع أربع هيولي مركبة ونفس وعقل وهيولي مرسلة فالمركبة هي الرب الأصغر والنفس هي الهيولي الأصغر والعقل الرب الأكبر والهيولي هو أيضا أكبر وأن الأنفس إذا فارقت الدنيا صارت إِلَى الرب الأصغر وَهُوَ الهيولي المركبة فَإِن كانت محسنة صافية قبلها فِي طبعه فصفاها حتى يخرجها إِلَى الهيولي الأصغر وَهُوَ النفس حتى تصير إِلَى الرب الأكبر فيتخلصه إِلَى الهيولي المركب الأكبر فَإِن كان محسنا تام الإحسان أقام عنده فِي العالم البسيط وإن كان محسنا غير تام أعاه إِلَى الرب الأكبر ثم يعيده الرب الأكبر إِلَى الهيولي الأصغر ثم يعيده الهيولي الأصغر إِلَى الرب الأصغر فيخرجه مازحا لشعاع الشمس حتى ينتهي إِلَى بقلة خسيسة يأكلها الإنسان فيتحول إنسانا ويولد ثانية فِي العالم وهكذا تكون حاله فِي كل موتة يموتها وأما المسيئون فإنهم إذا بلغت نفوسهم إِلَى الهيولي الأصغر انعكست فصارت حشائش تأكلها البهائم فتصير الروح فِي بهيمة ثم تنسخ من بهيمة فِي أخرى عند موت تلك البهيمة فلا يزال منسوخا مترددا فِي العلل ويعود كل ألف سنة إِلَى صورة الأنس فَإِن أحسن فِي صورة الأنس لحق بالمحسنين.
قال المصنف: قلت فأنظر إِلَى هذه التلبيسات التي رتبها لهم إبليس عَلَى مَا عَنْ لَهُ لا يستند إِلَى شي أنبأنا مُحَمَّد بْن أبي طاهر البزار قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيّ بْن المحسن عَنْ أبيه قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن نظيف المتكلم قَالَ كان يحضر معنا ببغداد شيخ الإمامية يعرف بأبي بَكْر بْن الفلاس فحَدَّثَنَا أنه دخل عَلَى بعض من كان يعرفه بالتشيع ثم صار يَقُول بمذهب التناسخ قَالَ فوجدته بين يديه سنور أسود وَهُوَ يمسحها ويحك بين عينيها ورأيتها وعينها تدمع كَمَا جرت عادة السنانير