ارتفعت التكاليف ولما عجزوا عَنْ صرف الناس عَن القرآن والسنة صرفوهم عَن المراد بهما إِلَى مخاريق زخرفوها إذ لو صرحوا بالنفي المحض لقتلوا فقالوا معنى الجنابة مبادرة المستجيب بإفشاء المستجيب بإفشاء السر ومعنى الغسل تجديد العهد عَلَى من فعل ذلك ومعنى الزنى إلقاء نطفة العلم الباطن فِي نفس من لم يسبق معه عقد العهد والصيام الإمساك عَنْ كشف السر والكعبة هي النبي والباب علي والطوفان طوفان العلم أعرق به المتمسكون بالشبهة والسفينة الحرز الذي يحصن به من استجاب لدعوته ونار إِبْرَاهِيم عبارة عَنْ غضب نمرود لا عَنْ نار حقيقة وذبح إِسْحَاق معناه أخذ العهد عَلَيْهِ وعصى مُوسَى حجته ويأجوج ومأجوج هم أهل الظاهر وذكر غيره أنهم يقولون إن اللَّه عز وجل لما أوجد الأرواح ظهر لهم فيما بينهم كهم فلم يشكوا أنه واحد منهم فعرفوه فأول من عرفه سلمان الْفَارِسِيّ والمقداد وأبو ذر وأول المنكرين الذي يسمى إبليس عُمَر بْن الخطاب فِي خرافات ينبغي أن يصان الوقت الْعَزِيز عَن التضييع بذكرها ومثل هؤلاء لم يتمسكوا بشبهة فتكون معهم مناظرة وإنما اخترعوا بواقعاتهم مَا أرادوا فان اتفقت مناظرة لأحدهم فليقل لَهُ أعرفتم هذه الأشياء التي تذكرونها عَنْ ضرورة أَوْ عَنْ نظر أَوْ عَنْ نقل عَن الإمام المعصوم فَإِن قلتم ضرورة فكيف خالفكم ذوو العقول السليمة ولو ساغ للانسان أن يهدي بدعوى الضرورة فِي كل مَا يهواه جاز لخصمه دعوى الضرورة فِي نقض مَا ادعاه وان قلتم بالنظر فالنظر عندكم باطل لأنه تصرف بالعقل وقضايا العقول عندكم لا يوثق بِهَا وان قلتم عَنْ إمام معصوم قلنا فما الذي دعاكم إِلَى قبول قوله بلا معجزة وترك قول مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ المعجزات ثم مَا يؤمنكم أن يكون مَا سمع من الإمام المعصوم لَهُ باطن غير ظاهر ثم يقال لهم هذه البواطن والتأويلات يجب إخفاؤها أم إظهارها فان قالوا يجب إظهارها قلنا فلما كتمها مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وان قالوا يجب إخفاؤها قلنا مَا وجب عَلَى الرسول إخفاؤه كيف حل لكم إفشاؤه قَالَ ابْن عقيل هلك الإسلام بين طائفتين بين الباطنية والظاهرية فأما أهل البواطن فإنهم عطلوا ظواهر الشرع بما أدعوه من تفاسيرهم التي لا برهان لهم عليها حتى لم يبق فِي الشرع شيء إلا وَقَدْ وضعوا وراءه معنى حتى أسقطوا إيجاب الوجب والنهي عَن المنهي وأما أهل الظاهر فإنهم أخذوا بكل مَا ظهر مما لا بد من تأويله فحملوا الأسماء والصفات عَلَى مَا عقلوه والحق بين المنزلتين وَهُوَ أن تأخذ بالظاهر مَا لم يصرفنا عنه دليل ونرفض كل باطن لا يشهد به دليل من أدلة الشرع.
قال المصنف: ولو لقيت مقدم هذه الطائفة المعروفة بالباطنية لم أكن سالكا معه طريق