الراوندي ملازم الرافضة وأهل الإلحاد فَإِذَا عوتب قَالَ إنما أريد أن أعرف مذاهبهم ثم كاشف وناظر. قال المصنف من تأمل حال١ ابْن الراوندي وجده من كبار الملحدة وصنف كتابا سماه الدامغ زعم أنه يدمغ به هذه الشريعة فسبحان من دمغه فأخذه وَهُوَ فِي شرخ الشباب وكان يعترض عَلَى القرآن ويدعي عَلَيْهِ التناقض وعدم الفصاحة وَهُوَ يعلم أن فصحاء العرب تحيرت عند سماعه فكيف بالألكن وأما أَبُو العلاء المعري فأشعاره ظاهرة الإلحاد وكان يبالغ فِي عداوة الأنبياء ولم يزل متخبطا فِي تعثيره خائفا من القتل إِلَى أن مات بخسرانه وما خلا زمان من خلف للفريقين إلا أن جمرة المنبسطين قد خبت بحمد اللَّه فليس إلا باطني مستتر ومتفلسف متكاتم هو أعثر الناس وأخسأهم قدرا وأردأهم عيشا وَقَدْ شرحنا أحوال جماعة من الفريقين فِي التاريخ فلم نر التطويل بذلك والله الموفق.
١ ومن تتبع شعر أبي العلاء المعري وسيرة ابن الرواندي علم أنهما على جانب عظيم من الإلحاد والزندقة إلا أن المعري يتستر كثيرا بخلاف ابن الرواندي وقد ظهر في زماننا بعض من يتمذهب بمذهبهما وانفرد الأعمى المتفلسف يؤلف في سيرة أبي العلاء المعري ويرغب الناس في مذهبه وشعره ويروج مؤلفاته وينشرها بين الناس للإضلال وقد سرى هذا المذهب إليهم من رحلتهم إلى مدارس أوروبا وتلقيهم العلوم الفلسفية عن أعداء الدين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا كلا والله إنهم لفي سكرتهم يعمهون وفي شقاوتهم يسبحون ولخذلان أنفسهم يعملون ولا يعلمون فإنا لله وإنا إليه راجعون.