للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخبرني أنه بقي أربعين سنة لا يحلق رأسه قبل الصلاة قَالَ فقلت لَهُ إنما هو الحلق جمع حلقة وإنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم والمذاكرة وأمر أن يشتغل بالصلاة وينصت للخطبة فَقَالَ قد فرجت علي وكان من الصالحين وَقَدْ كان ابْن صَاعِد كبير القدر فِي المحدثين لكنه لما قلت مخالطته للفقهاء كان لا يفهم جواب فتوى حتى أنه قد أَخْبَرَنَا أبو منصور البوار نا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثابت قَالَ سَمِعْتُ اليرقاني يَقُول قَالَ أَبُو بَكْر الأبهري الفقيه قَالَ كنت عند يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن صَاعِد فجاءته امرأة فقالت أيها الشيخ مَا تقول فِي بئر سقطت فيه دجاجة فماتت فهل الماء طاهر أَوْ نجس فَقَالَ يَحْيَى ويحك كيف سقطت الدجاجة إِلَى البئر قالت لم تكن البئر مغطاة فَقَالَ يَحْيَى ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شيء قَالَ الأبهري فقلت يا هذه إن كان الماء تغير فهو نجس وإلا فهو طاهر.

قَالَ المصنف: وكان ابْن شاهين قد صنف فِي الحديث مصنفات كثيرة أقلها جزء وأكثرها التفسير وَهُوَ ألف جزء وما كان يعرف من الفقه شيئا وَقَدْ كان فيهم من يقدم عَلَى الفتوى بالخطأ لئلا يرى بعين الجهل فكان فيهم من يصير بما يفتي به ضحكة فسئل بعضهم عَنْ مسألة من الفرائض فكتب فِي الفتوى تقسم عَلَى فرائض اللَّه سبحانه وتعالى.

وأنبأنا مُحَمَّد بْن أبي منصور نا أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن حبرون نا أَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي نا أَبُو عُمَر بْن حياة نا سُلَيْمَان بْن إِسْحَاقَ الحلاب ثنا إِبْرَاهِيم الحربي قَالَ بلغني أن امرأة جاءت إِلَى عَلِيّ بْن داود وَهُوَ يحدث وبين يديه مقدار ألف نفس فقالت لَهُ حلفت بصدقة إزاري فَقَالَ لها بكم اشتريتيه قالت باثنين وعشرين درهما قَالَ اذهبي فصومي اثنين وعشرين يوما فلما مرت جعل يَقُول آه آه غلطنا وَاللَّه أمرناها بكفارة الظهار.

قَالَ المصنف: قلت فانظروا إِلَى هاتين الفضيحتين فضيحة الجهل وفضيحة الإقدام عَلَى الفتوى بمثل هَذَا التخليط واعلم أن عموم المحدثين حملوا ظاهر مَا تعلق من صفات الباري سبحانه عَلَى مقتضى الحس فشبهوا لأنهم لم يخالطوا الفقهاء فيعرفوا حمل المتشابه عَلَى مقتضى الحكم وَقَدْ رأينا فِي زماننا من يجمع الكتب منهم ويكثر السماع ولا يفهم مَا حصل ومنهم من لا يحفظ القرآن ولا يعرف أركان الصلاة فتشاغل هؤلاء عَلَى زعمهم بفروض الكفاية عَنْ فروض الأعيان وإيثار مَا ليس بمهم عَلَى المهم من تلبيس إبليس.

القسم الثاني: قوم أكثروا سماع الحديث ولم يكن مقصودهم صحيحا ولا أرادوا معرفة

<<  <   >  >>