للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصوات نسوان ومردان وهل يحسن بمن بين يديه الموت السؤال والحشر والصراط ثم هو إِلَى إحدى الدارين صائران يشمس بالرقص شمس البهائم ويصفق تصفيق النسوة وَاللَّه لقد رأيت مشايخ فِي عصري مَا بان لهم سن فِي تبسم فضلا عَنْ ضحك مَعَ إدمان مخالطتي لهم كالشيخ أبي القاسم بْن زيدان وعبد الملك بْن بشران وأبي طاهر بن العلاف والجنيد والدينوري.

فصل: فَإِذَا تمكن الطرب من الصوفية فِي رحال رقصهم جذب أحدهم بعض الجلوس ليقوم معه ولا يجوز عَلَى مذهبهم للمجذوب أن يقعد فَإِذَا قَامَ قام الباقون تبعا لَهُ فَإِذَا كشف أحدهم رأسه كشف الباقون رؤوسهم موافقة لَهُ ولا يخفى عَلَى عاقل أن كشف الرأس مستقبح وفيه إسقاط مروءة وترك أدب وإنما يقع فِي المناسك تعبدا لله وذلا لَهُ.

فصل: فإذا اشتد طربهم رموا ثيابهم عَلَى المغني فمنهم من يرمي بِهَا صحاحا ومنهم من يخرقها ثم يرمي بِهَا وَقَدِ احتج لهم بعض الجهال فَقَالَ هؤلاء فِي غيبة فلان يلامون فَإِن مُوسَى عَلَيْهِ السلام لما غلب عَلَيْهِ الغم بعبادة قومه العجل رمى الألواح فكسرها ولم يدر مَا صنع والجواب أن نقول من يصحح عَنْ مُوسَى بأنه رماها رمي الكاسر والذي ذكر فِي القرآن إلقاءها فحسب فمن أين لنا أنها تكسرت ثم لو قيل تكسرت فمن أين لنا انه قصد كسرها ثم لو صححنا ذلك عنه قلنا كان فِي غيبة حتى لو كان بين يديه حينئذ بحر من نار لخاضه ومن يصحح لهؤلاء غيبتهم وهم يعرفون المغني من غيره ويحذرون من بئر إن كانت عندهم ثم كيف يقاس أحوال الأنبياء عَلَى أحوال هؤلاء السفهاء ولقد رأيت شابا من الصوفية يمشي فِي الأسواق ويصيح والغلمان يمشون خلفه وَهُوَ يبربر ويخرج إِلَى الجمعة فيصيح صيحات وَهُوَ يصلي الجمعة فسئلت عَنْ صلاته فقلت إن كان وقت صياحه غائبا فقد بطل وضوءه وإن كان حاضرا فهو متصنع وكان هَذَا الرَّجُل جلدا لا يعمل شيئا بل يدار لَهُ بزنبيل فِي كل يوم فيجمع لَهُ مَا يأكل هو وأصحابه فهذه حالة المتأكلين لا المتوكلين ثم لو قدرنا أن القوم يصيحون عَنْ غيبة فَإِن تعرضهم لما يغطي عَلَى العقول من سماع مَا يطرب منهي عنه كالتعرض لكل مَا غلبه الأذى وَقَدْ سئل ابْن عقيل عَنْ تواجدهم وتخريق ثيابهم فَقَالَ خطأ وحرام وقد نهى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إضاعة المال وعن شق الجيوب فَقَالَ لَهُ قائل فإنهم لا يعقلون مَا يفعلون قَالَ إن حضروا هذه الأمكنة مَعَ علمهم أن الطرب يغلب عليهم فيزيل عقولهم أثموا بما يدخل عليهم من التخريق وغيره مما يفسد ولا يسقط عنهم خطاب الشرع لأنهم مخاطبون قبل الحضور بتجنب هذه المواضع التي تفضي إِلَى ذلك كَمَا هم منهيون عَنْ شرب المسكر فَإِذَا سكروا وجرى منهم إفساد الأموال لم يسقط الخطاب

<<  <   >  >>