للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيان أن الشَّيْطَان يجري من ابْن آدم مجرى الدم

أَخْبَرَنَا هِبَة اللَّهِ بْن مُحَمَّدٍ نا الْحَسَن بْن عَلِيّ نا أَحْمَد بْن جَعْفَر نا عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ ثني عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثنا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيُّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ زَوْجِ النَّبِيِّ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلا فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِي لِيُقَلِّبَنِي١ وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَمَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكُمَا أَنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ" فَقَالا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ٢ يَجْرِي من ابْن آدم مجرى الدم وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا" أَوْ قَالَ: "شَيْئًا" الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ اسْتِحْبَابُ أَنْ يَحْذَرَ الإِنْسَانُ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ مِنَ الْمَكْرُوهِ مِمَّا تَجْرِي بِهِ الظُّنُونُ وَيَخْطُرُ بِالْقُلُوبِ وَأَنْ يَطْلُبَ السَّلامَةَ مِنَ النَّاسِ بِإِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ مِنَ الرِّيَبِ وَيُحْكَى فِي هَذَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ خَافَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقَعَ فِي قُلُوبِهِمَا شَيْءٌ مِنْ أَمْرٍ فَيَكْفُرَا وَإِنَّمَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَقَةً مِنْهُ عَلَيْهِمَا لا عَلَى نَفْسِهِ.

ذكر التعوذ من الشَّيْطَان الرجيم٣

قَالَ الشيخ أَبُو الفرج رحمه اللَّه قد أمر اللَّه تعالى بالتعوذ من الشَّيْطَان الرجيم عند التلاوة فَقَالَ تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} وعند السحر فَقَالَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} إِلَى آخر السورة فَإِذَا أمر بالتحرز من شره فِي هذين الأمرين فكيف فِي غيرهما.

أَخْبَرَنَا هِبَة اللَّهِ بْن مُحَمَّدٍ نا الْحَسَن بْن عَلِيّ نا أَحْمَد بْن جَعْفَر نا عَبْد اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ثنا أُبَيُّ ثنا سَيَّارٌ ثنا جَعْفَرٌ ثنا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُنَيْشٍ أَدْرَكْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ فَقَالَ إِنَّ الشياطين تحدرت٤ تلك الليلة.


١ ليقلبني بفتح الياء أي ليردني إلى منزلي.
٢ ظاهر الحديث أن الله تعالى جعل للشيطان قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان في مجاري دمه ويحتمل أنه من قبيل الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته فكأنه لا يفارق الإنسان كما لا يفارقه دمه وقيل: إنه يلقي وسوسته في مسام لطيفة من البدن فتصل إلى القلب.
٣ التعوذ التحصن والاعتصام والالتجاء والمعوذتان عوذتا قارئهما أي عصمتاه من كل سوء.
٤ من الحدور أي تنزلت.

<<  <   >  >>