الْحُسَيْن أَوْ يَقُول أنا قريب النسب من فلان العالم أَوْ من فلان الزاهد وهؤلاء يبنون أمرهم عَلَى أمرين أحدهما أن يقولون من أحب إنسانا أحب أولاده وأهله والثاني أن هؤلاء لهم شفاعة وأحق من شفعوا فيه أهلهم وأولادهم وكلا الأمرين غلط أما المحبة فليس محبة اللَّه عز وجل كمحبة الآدمين وإنما يحب من أطاعه فَإِن أهل الْكِتَاب من أولاد يعقوب ولم ينتفعوا بآبائهم ولو كانت محبة الأب يسرى لسرى إِلَى البعض أيضا وأما الشفاعة فقد قَالَ اللَّه تعالى:{وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} ولما أراد نوح حمل ابنه فِي السفينة قيل لَهُ إِنَّهُ ليس من أهلك ولم يشفع إِبْرَاهِيم فِي أبيه ولا نبينا فِي أمه وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفاطمة رَضِيَ اللَّهُ عنها: "لا أغني عنك من اللَّه شيئا" ومن ظن أنه ينجو بنجاة أبيه كمن ظن أنه يشبع بأكل أبيه.
فصل: ومن تلبيسه عليهم أن يعتمد أحدهم عَلَى خلة خير ولا يبالي بما فعل بعدها
فمنهم من يَقُول أنا من أهل السنة وأهل السنة عَلَى خير ثم لا يتحاشى عَنِ المعاصي وكشف هَذَا التلبيس أن يقال لَهُ إن الاعتقاد فرض والكف عَنِ المعاصي فرض آخر فلا يكفي أحدهما عَنْ صاحبه وكذلك تقول الروافض نحن يدفع عنا موالاة أهل البيت وكذبوا فإنه إنما يدفع التقوى ومنهم من يَقُول أنا ألازم الْجَمَاعَة وأفعل الخير وهذا يدفع عني وجوابه كجواب الأل.
فصل: ومن هَذَا الفن تلبيسه عَلَى العيارين فِي أخذ أموال الناس فإنهم يسمون بالفتيان ويقولون الفتى لا يزني ولا يكذب ويحفظ الحرم ولا يهتك ستر امرأة ومع هَذَا لا يتحاشون من أخذ أموال الناس وينسون تقلى الأكباد عَلَى الأموال ويسمون طريقتهم الفتوة وربما حلف أحدهم بحق الفتوة فلم يأكل ولم يشرب ويجعلون إلباس السراويل للداخل فِي مذهبهم كإلباس الصوفية للمريد المرقعة وربما يسمع أحد هؤلاء عَنْ أبنته أَوْ أخته كلمة وزر لا تصح ولا بما كانت من محرض فقتلها ويدعون أن هذه فتوة وربما أفتخر أحدهم بالصبر عَلَى الضرب وبإسناد عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حنبل أنه كان يَقُول كنت كثيرا أسمع والدي أَحْمَد بْن حبنل يَقُول رحم اللَّه أبا الهيثم فقلت من أَبُو الهيثم فَقَالَ أَبُو الهيثم الحداد لما مددت يدي إِلَى العقاب وأخرجت للسياط إذا أنا بانسان يجذب ثوبي من ورائي ويقول لي تعرفني قلت لا قَالَ أنا أَبُو الهيثم العيار اللص الطرار مكتوب فِي ديوان أمير المؤمنين إني ضربت ثمانية عشرة ألف سوط بالتفاريق وصبرت فِي ذلك عَلَى طاعة الشَّيْطَان لأجل الدنيا فأصبر أنت فِي طاعة الرَّحْمَن لأجل الدين قلت أَبُو الهيثم هَذَا يقال لَهُ خالد الحداد وكان يضرب المثل بصبره وقال لَهُ المتوكل مَا بلغ من جلدك قَالَ املأ لي جرابي عقارب ثم أدخل يدي فيه وأنه ليؤلمني مَا يؤلمك وأجد لآخر سوط من الألم مَا