للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للأغراض القومية أي تأثير عليه، وقد زاد نفوذ الأجانب، وقامت الثورة العرابية، ونكبت مصر بالاحتلال، ولم يسمع له كلمة تعبر عن هذه الأحداث، ولم يتألم لألم وطنه وذلته, كما تألم الشدياق، وأديب إسحاق، وعبد الله النديم، وجمال الأفغاني, وغيرهم، وما ذلك إلّا لأنه كان مثال الموظف الديوانيّ المخلص، البعيد عن الاشتغال بالمسائل العامة، والأمور الهامة.

ومن الأسلوب المرسل الذي تأثر فيه رجال الصحافة لعهده، ولا سيما أسلوب الجوائب, قوله من رسالة بعث بها إلى المرحوم عبد الله أبي السعود صاحب جريدة "وادي النيل":

"قد كنت وعدت فيما حررته سابقًا أني أكاتب حضرتكم بعد بما تيسر على حسب الإمكان، ومساعدة الزمان، والآن أريد أن أخبركم بمحاورة جرت بيني وبين بعض المتورعين من الناس فيما يتعلق بصحيفة "وادي النيل" وكتاب الجغرافية المطبوع في وريقاتها, وذلك أني رأيته ينكر على حضرتكم بعض المباحث المندرجة في ذلك الكتاب؛ ككون الأرض كرة، والقبة السماوية متخيلة، وما قيل في كيفية الكسوف والخسوف, ونحو ذلك، بعد اعتراف منه بأن الكتاب المذكور كتابٌ مناسب في موضوع مهم تدعو إليه الحاجة لمعرفة مواقع البلاد ومحالها, وأقسام الأرض وأحوالها، فإن هذا لا تنكر مزيته وفائدته في السياحة والتجارة وأمور التمدن والحضارة، فقلت له: قد علمت أن منشيء "وادي النيل" ليس مؤلف الكتاب المذكور، وإنما هو مترجم له، والمترجم ناقل ليس عليه عهدة ما ينقله، وإنما يلزمه صحة النقل، وتوفية حق الأداء على صحته، ولا يلزمه ما يترتب على الأصل المنقول عنه من نقدٍ ومؤاخذةٍ بعد عزوه لأصله، ونسبته إلى قائله، فلو سلم أن جميع تلك المباحث مما ينكر, فما عليه شيء من ذلك، فقد قالوا: إن ناقل الكفر ليس بكافر ... إلخ١ وهي رسالة طويلة تقع فيما يقرب من عشرين صفحة.

ومن نثره المرسل كذلك قوله في تقريرٍ عن رحلته إلى استوكهلم؛ حيث حضر مؤتمر المستشرقين:


١ راجع الآثار الفكرية ٢٢١-٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>