للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أنواعه]

١- فالنثر الاجتماعي يتطلب صحة العبارة، وبالضرورة البعد عن الزخرف والزينة، ووضوح الجمل، وترك المبالغات, وسلامة الحجج, وإجراءها على حكم المنطق الصحيح؛ لأن الغرض منه معالجة الأمر الواقع، فلا ينبغي استعمال أقيسة الشعرية، ولا الخيال المجنح، اللهم إلّا في المقامات التي تقتضي استفزاز الجماهير، وإثارة عواطفهم، وتحميسها للإقلاع عن خلةٍ فاسدةٍ، أو التظاهر على الاضطلاع بنفعٍ عامٍّ، على أن يكون ذلك بقدر، فإن الأغراض الاجتماعية إنما تجري في حدود الحقائق الواقعة على كل حال.

وقد رأيت أن هذا النوع من النثر قد خلا من السجع المتكلف؛ لأن الاهتمام باقتناص السجعة قد يفوت على الكاتب الغرض الذي يرمي إليه، وقد يذهب بالمعنى في سبيل سجعة متكلفة، بل حمل بعض الكتاب في هذا العصر على هذا السجع, فقال أديب إسحاق -مع أنه كان ممن يسجعون كثيرًا, وممن يحتفي بأسلوبه لأنه كان أديبًا بطبعه.

"ولم يدخل هذ السجع كلام القدماء في الجاهلية وصدر الإسلام إلّا ما كان منه عفو القريحة، فواصل غير مقفاة، أو ما يعزى إلى الكهان والمشعوذينن مما يراد به الإيهام والإبهام، فلما استولت العجمة على الألسن، وضعفت قوة الاختراع في الأذهان, سرى داؤه في المكاتبة إلى هذا العهد، فعدل الكتاب عن الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>