للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أثر الاتصال بالأدب الأجنبي]

...

جـ- ثر الاتصال بالأدب الأجنبي:

كان من الطبيعيّ أن يتأثر الشرق العربيّ، ولا سيما مصر، ولبنان، بهذا الاتصال المباشر بالأدب الأجنبي، ففي مصر يجثم الاحتلال الإنجليزي على صدر الوادي الخصيب، ويشتد نفوذ الأجانب من كل دولة، يفدون أفواجًا ينشدون الغنى والسعادة في هذه البلد المضيافة والأرض البكر، وتفرض اللغة الإنجليزية على تلاميذ المدراس المصرية، ويعمد الأدباء اللبنانيون والسوريون الذين يمموا صوب مصر هربًا بحرياتهم إلى الأدب الغربيّ ينقلون منه ألوانًا شتّى إلى اللغة العربية.

ولا أريد في هذه العجالة أن أتقصَّى أثر الفكر الغربي في العقل العربيّ والنتاج الأدبيّ, فإن هذا الامتزاج بين الثقافتين لم تظهر آثاره الحقيقية إلا بعد فترة طويلة من الحقبة التي نؤرخ لها، حين شبَّ جيلٌ من الأدباء في هذه البيئة التي تلتقي فيها تعاليم محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ووطنية عبد الله نديم، وأدب حسين المرصفي والسيد بن علي المرصفي بقصص هوجو وفولتير وراسين وكورني وشكسبير وعشرات من قصاص فرنسا وإنجلترا وغيرهما، ولكن كانت السمة الغالبة على أخريات القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين هي ازدياد نفوذ الأدب الأجنبيّ وإعجاب أبناء البلاد العربية به، فتمنَّى الشعراء أن يجددوا في الشعر، وأن ينسجوا على منوال شعراء الغرب، بل كان منهم من يود التحرر من قيود الشعر العربيّ, ويأخذ بحرية الشعر الفرنجي، فهتف حافظ بقوله:

آن يا شعر أن نفك قيودًا ... قيدتنا بها دعاة المحال

فارفعوا هذه الكمائم عنا ... ودعونا نشم ريح الشمال

ويقصد بالشمال بلاد الغرب، وإن عجز حافظ عن فك القيود ولم يستطيع أن يخرج خروجًا تامًّا على الصور القديمة مهما كانت روحه التجديدية

<<  <  ج: ص:  >  >>