للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راغبة في ذلك١, ولكن مما لا ريب فيه أن كثيرًا من المعاني الجديدة والصور الغربية والخيال الاوربي قد ابتدأ يتسرب إلى أفكار الشعراء وأخيلتهم، وإن لم يظهر أثره إلّا بعد مدة، وفي جيلٍ غير هذا الجيل الذي شهد زحف الآداب الغربية أول الأمر, وكم كان بودي أن أقف هنا وقفةً طويلةً لأبين هذا الأثر، ولكن موعدنا به في الجزء التالي إن شاء الله.

أما النثر فقد كان التأثير فيه شديدًا، لانطلاقه وعدم تقيده بقوالب وأوزان وقوافٍ، ولأن النثر الغربي المترجم كان الكثرة الغالبة, ولا سيما القصة كما رأيت٢، وهنا يجدر بنا أن نتأنى قليلًا، فإن القصة قد صار لها في عالم الأدب العربي شأن كبير، وكانت الحقبة التي نؤرخ لها هي حقبة الحضانة التي نمت فيها القصة، وأخذت بعد ذلك تتفتح وتزدهر وتجري على الألسانة والأقلام، والقصة هي أكثر أنواع الأدب شيوعًا في الغرب، بل إن الأدب الغربي يتسم بأنه أدب القصة، وليس كذلك الأدب العربي، فلم كان هذا؟ وهل ما يدعيه بعض النقاد الغربيين، ويتبعهم في ذلك كثير من الكتاب العرب -من أن العقلية العربية مجدبة, عقيمة الخيال, ادعاء صحيح؟؟ -إن هذا الموضوع يتطلب منا كلمة موجزة قبل أن نفرغ من هذه الكتاب؛ لأن النثر -وهو كما قلنا قد تأثر بالأدب الغربي أكثر من الشعر- قد صار له ثوبان يظهر فيهما: القصة والمقالة.

١- القصة:

وموضوع القصة موضوع طويل وشائق، فهناك تاريخ القصة ونشأتها في العالم، وأنواع القصة من: خرافة ومثل، وحكاية, وأقصوصة, ورواية, ثم ألوان الرواية من: واقعية أو خيالية أو تاريخية أو نفسية, إلى آخر هذه الأبحاث، ثم هناك شروط القصة وكيفية بنائها, وما يشترط في المقدمة والحوادث والعقدة والجو والحل، وهل تخالف القصة القصيرة في تركيبها وإنشائها الرواية؟ وبعد ذلك كله


١ الإسلام والتجديد لدكتور شارلس أدمس ص٢٠٩.
٢ راجع في تأثر النثر العربي الحديث بالقصة العربية, كتاب الدكتور إسماعيل أدهم عن "توفيق الحكيم الفنان الحائر" حلب سنة ١٩٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>