للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وقد كان لعبد الله فكري عناية برواية الحديث, وله طرق عديدة وأسانيد سديدة١.

٥ - السيد عبد الله الألوسي٢:

ولد في بغداد من أسرة مشهورة بالعلم سنة ١٢٤٨هـ-١٨٣٢م، وتلقى العلم على والده، فعرف شيئًا من النحو ورويّ الشعر، وقرأ القرآن، والتفسير, والحديث, وغير ذلك من العلوم التي كانت تدرس في المساجد، والتي لا تزال تدرس في الأزهر حتى اليوم في الكتب الموروثة٣.

ولم نترجم للسيد الألوسي، لأنه أديب نابغة، أو شاعر ملهم، وإنما لنعطي صورة عن الأدب في البلاد العربية إبَّان هذه الفترة التي نتحدث عنها، حتى نصدر حكمًا صائبًا عن الأدب العربيّ وتطوره، وأنه لم يكن في بلدٍ أحسن منه في أخرى، وأن النهضة أخذت تدب فيه شيئًا فشيئًا.

لم يعمر السيد عبد الله طويلًا، فقد مات سنة ١٢٩١هـ-١٨٧٤م, عن ثلاثة وأربعين عامًا، وقد قضى هذه السنين القصيرة عليلًا سقيمًا، واشتغل بالتدريس حقبةً في بغداد، واشتهر بحسن إلقائه، وتوضيحه لعويص المشكلات العلمية، ولكن الحياة لم تكن ميسرةً له، فمن أسرة كبيرة العدد، وصحة سقيمة، وإلى فقر وعدم تقدير، فعزم على الرحلة، وباع كل ما يملك، ويمم صوب الآستانة، ولكنه لم يصل؛ لأن قطاع الطرق سلبوه كل عتاده، وتركوه عاريًا في الصحراء، ولولا أن الله مَنَّ عليه بمن التقطه وأرجعه إلى بغداد, لقضى جوعًا وعريًا، ورجع صفر الكف من زاد الدنيا، ولم يكن ممن يجيدون التزلف والملق, فساءت حاله, وطالما عرض عليه القضاء قبل هذا فكان يرفضه ورعًا وزهدًا، بيد أنه الضائقة أحرجته, فاضطر إلى قبوله, وتولَّى قضاء البصرة سنتين ثم مات.


١ راجع الآثار الفكرية ٩-١١.
٢ هو ابن السيد محمود الألوسي "أبو الثناء " الذي ترجمنا له سابقًا.
٣ راجع أعلام العراق لبهجت الأثري, ص٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>