وهي حكم قريبة مأخوذة من تجارب عادية, ليست فيها فلسفة عميقة، ولا تدل على مذهب في الحياة ومصيرها ومصدرها، أو على نظرة عامة شاملة للكون، وإنما هي نظرات عابرة ليس فيها تحليل دقيق، ولا سبر لأغوار الحياة والمجتمع ونفسيته، ولكنها حلوة الصياغة خفيفة على الألسنة متقنة السبك.
وبعد، فهذه معظم الموضوعات التي تكلم فيها البارودي, وقد عقَّبْنَا على كل موضوع بكلمة موجزة، وعرفنا إلى أي حَدٍّ مشى البارودي في ظل القدماء, وإلى أي حَدٍّ تميَّزَت شخصيته، وبرزت خصائصه، وفي شعر البارودي هنات.
هنات:
وهذه الهنات قليلة لا تقدح في منزلته, ولا تغض من شأنه، وبعض هذه الهنات ترجع إلى:
١- لغويات: فاستعمل البارودي كلمات كثيرة غير موجودة في المعاجم, ولا يعين عليها الاشتقاق الصرفي من مثل قوله:"همامة نفس" فهذا المصدر بالمعنى الذي يريده, أي: قوة العزم, غير موجود في المعجمات التي بين أيدينا، وقد يلتمس له تخريج بعيد، فيه كثير من التعسف، ومن مثل قوله:"يكفيك منه إذا استحس" يريد أحس، ومثل قوله:
شفت زجاجة فكري فارتسمت بها ... علياك من منطقي في لوح تصويري
فارتسمت بمعنى: رسمت, غير موجودة بالمعجمات، ومعناها في المعاجم امتثل؛ ومثل قوله:
فكم سلموا عينًا بها تبصر العلا ... وشلوا يدًا كانت بها راية النصر
والفعل شل لازم، ويتعدى بالهمزة, فيقال: أشل الله فلانًا, واستعمله الشاعر متعديًا بنفسه، وقد يوجد له تخريج بعيد.