للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محرر الوقائع المصرية:

ثم درات الأيام دورتها وعزل إسماعيل عن العرش، وتولى توفيق, ونُفِيَ السيد جمال الدين كما عرفت من قبل، وتسلم محمد عبده راية الإصلاح بعد أستاذه, ووجد في رياض باشا مشجعًا وحاميًا, فعينه محررًا للوقائع المصرية، وجمع الشيخ حوله بعض النابهين من الشباب١, وأنشأ بالجريدة "الرسمية" قسمًا أدبيًّا تنشر به المقالات الإصلاحية والاجتماعية، وقد كانت الجريدة تفرض على أعيان البلاد وموظفي الدولة, ويجدون بها قرارات جافة ركيكة العبارة, وأراد رياض باشا أن يجعل للجريدة الرسمية قيمةً في ذاتها, تحمل الناس على طلبها رغبة فيها؛ ليقفوا على ما تتضمنه من الأوامر واللوائح، فيكونوا على بصيرةٍ مما تريده الحكومة بهم ومنهم من غير إكراه، وكان قد أحس بتوجيه الأفكار إلى طلب شيء من طلاوة العبارة، ووفرة المعنى, وحسن الانتقاد"٢.

ووضع الشيخ "لائحة" للجريدة الرسمية, وجعلها مشرفة على كل ما يصدر في البلاد من كتب وصحف، وحق إنذار هذه الصحف عربية أو أجنبية، ومعاقبتها بالتعطيل الدائم أو المؤجل كي يلزمها الوقوف عند حدود الوقار فيما تكتب, مع إطلاق الحرية لها في تبيين الحقائق وكشف وجوه الخطأ والصواب بدون خوف, كما أعطت هذه اللائحة لرئيس تحرير الوقائع الحق في انتقاد جميع إدارات الحكومة حتى وزارة الداخلية التي يتولاها رياض باشا؛ وذكر السيد رشيد رضا أن "أول ما بدأت الجريدة بانتقاده طريقة التحرير التي كانت متبعة في


١ أمثال سعد زغلول، وعبد الكريم سلمان، وإبراهيم الهلباوي، ومحمد خليل والسيد وفاء.
٢ من كلام الشيخ محمد عبده قبل أن يتولى رئاسة تحرير الوقائع: المنار ص٤٠٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>