للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترسل في الحديث، فقد كان خطيبًا فصيحًا، وأقوله كانت تقع من نفوس الضباط والسامعين موقع الاقتناع١".

ترك عرابي طائفة من الآثار نتبين منها جهاده في سبيل مصر قولًا وعملًا وكتابةً، تتمثل في مجموعة كبير من أحاديثه وخطبه ورسائله إبان الثورة، ويلحق بها ما قاله في أثناء محاكمته، ثم المذكرات التي تركها قبيل وفاته وسماها: "كشف الستار" وتاريخه المختصر الذي كتبه بعد عودته، وهو مثبت في آخر التاريخ السري.

ابتدأ عرابي دعوته سريةً في داخل الجيش وخارجه، وقد اختاره زملاؤه الضباط زعيمًا لهم؛ لأنه كان أشد المجتمعين إحساسًا بالظلم، وأقدرهم على التعبير عنه، وأجراهم في مهاجمة الظالمين, وقد كان للباقته وفصاحته في الكلام واستشهاده ببعض الأحاديث النبوية الشريفة والحكم والماثورة تأثير كبير في نفوس الضباط، واجتذبهم إليه ومال بهم إلى تلبية ندائه، والاستماع لنصحه والاقتناع بآرائه"٢.

ثم تخرج الدعوة إلى النور، ونرى جماعةً من الضباط يذهبون إليه في بيته ليناقشوه في الأوامر التي أصدرها عثمان رفقي, وأنهم يريدون الاحتجاج على ذلك، وقد اختاروه ليمثلهم؛ فيحاول أن يثنيهم بالرفق أو يختاروا غيره، ولكنهم أصروا على اختياره، فقال لهم: إن من يتصدى لزعامة هذا الأمر هالك لامحالة، فأقسموا له على أن يفدوه من كل شر, فكتب الاحتجاج ووقعه معهم وقد جاء فيه " إن عثمان رفقي يعامل ضباط الجهادية بالذل والاحتقار, ويسعى فيما يوجب لهم الحرمان والإضرار, كأننا الأعداء الألداء، وكأن الله -سبحانه وتعالى- يطلب منه ظلم المصريين والإجحاف بحقوقهم" ويقدمها إلى رياض، ويدور بينهما الحوار الآتي:

رياض: إن أمر هذه "العريضة" مهلك.


١ عبد الرحمن الرافعي: الثورة العرابية, ص٨٢.
٢ المرجع السابق ص٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>