"أما بعد, فإن أحسن وشي رقمته الأقلام، وأبهى زهر تفتحت عنه الأكمام، عاطر سلام يفوح بعبير المحبة نفحه، ويشرق في سماء الطروس صبحه.
سلام كزهر الروض أو نفحة الصبا ... أو الراح تجلى في يد الرشأ الألمي
سلام عاطر الأردان, تحمله الصبا سارية على الرند والبان، إلى مقام حضرة المخلص الوداد, الذي هو عندي بمنزلة العين والفؤاد، صاحب الأخلاق الحميدة، حلية الزمان الذي حلى معصمه وجيده ... إلخ".
وبليت منك بكل لاح لو تبدَّى ... نحو طودٍ أثقلته كروبه
أفلا رثيت لعاشق لعبت به ... أيدي المنون ونازعته خطوبه
أنت النعيم له ومن عجب ... تعذبه وتمرضه، وأنت طبيبه
وهو شعر إذا قيس بعصره دل على روح أديب، وذوق شاعر، كما أن النثر، وإن كان مسجوعًا، إلّا أنه غير مثقل بالحلى اللفظية، مما يدل على بعض التطور في كل من النثر والشعر, نعم, إن في النثر تكلفًا وتعمدًا للسجع, فإذا كان السلام عاطر الأردان، فلابد أن تحمله الصبا ساريةً على الرند والبان، إلى غير ذلك مما يذكرنا بسجع القاضي الفاضل, وتذليل المعاني للألفاظ، وخفاء شعور الكاتب والشاعر تحت هذه الزخارف الكثيرة، على أن الشيخ العطار مع هذا, من أحسن كُتَّابِ عصره وشعرائه ديباجة، وأقلهم تكلفًا.
٢- الشيخ حسن قويدر:
تلميذ العطار، ولد ١٢٠٤هـ-١٧٨٩م, وهو مغربيّ الأصل كأستاذه، ونزح أهله إلى بلدة الخليل بالشام، وجاء والده إلى القاهرة وأقام بها، فولد فيها المترجم، ونال شهرة عظيمة في العلوم، وكان مع ذلك يشتغل بالتجارة، وصارت