وهو السيد علي الدرويش بن إبراهيم المصري، وُلِدَ بالقاهرة سنة ١٢١١هـ، ونشأ بها, وأُغْرِمَ بالأدب، وحفظ كثيرًا من الشعر، وأصاب شهرةً كبيرةً في زمانه، وله عدد وفير من المقطوعات الغنائية، واتصل بأمراء أسرة محمد علي، وعُرِفَ بشاعر عباس الأول، ولم يكن يتكسب بالشعر؛ لأن الله رزقه حظًّا من الثروة، فاكتفى بما لديه.
وله من المؤلفات "الدرج والدرك", وضعه في مدح من اشتهر في أيامه بحميد المزايا وكريم الصفات، وكتاب "محاسن الميل لصور الخيل" وضعه بأمر عباس الأول, ذكر فيه محاسن الخيل ومساوئها، و"سفينة الأدب".
وشعره يمثل لنا عصره؛ من حيث الولوع بالمحسنات البديعية، يحشرها حشرًا، ويتكلفها تكلفًا, ومعانيه وأخيلته لا تدل على شاعرية ممتازة إذا قيست بشعر عصرنا، ولكنه بالنسبة لعصره كان طليعة الشعراء، وقد اشتهر بالتواريخ الشعرية، وله ديوان طبعه تلميذه مصطفى سلامة النجاري في ٤٨٢ صفحة، وقد جمع كل ما قاله السيد على الدرويش من شعر ونثر.
ومن نثره قوله في مقامة الفضيلة والرذيلة:
"وفقك الله لما يرضاه، وعصمك في موجب الذم, ومن لا يتحاشاه، إن الفضيلة والرذيلة صفتان متضادتان، ونوع الإنسان مجبول على الميل للأولى، والفرار من الأخرى على حسب آراء العباد، وعوائد البلاد، فربما كانت الفضيلة عند قوم رذيلة عند آخري، وكانت الرذيلة عند أممٍ فضيلة عند غيرهم من المتأخرين، وحسنات الأبرار سيئات المقربين، مع تفاوت في طباعهم، وأشكالهم, وصنائعهم، فمنهم ذو الطبع السليم، ومنهم الذميم، ولا سبيل إلى ترغيب الأول ليجتهد في الازدياد، وترهيب الثاني لينطبع على أن يتحاشى بالاعتياد، لا باللسان، الآتي بسحر البيان، فقد جاء في الحديث: "إن إيمان المرء ليربوا إذا مدح، وربما