للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول اللدكتور هيكل؛ ويجب أن نعترف، ونفوسنا يملؤها الحزن والأسى، أن تربيتنا وتهذيبنا، لم يعد أكثريتنا للتأثر الفردي، والإحساس الذاتي، فهما يرسمان أمامنا مختلف صور الحياة. ويتركان لحسنا ولفكرنا أن يميز من هذه الصور ما يأخذه بهما ويلفتهما لفتات خاصة. بل هما يجيئان بصور الحياة مصبوبة في قوالب قررتها الجماعة في عصور سالفة فيطبعانها في حسنا وفكرنا طبعًا يقيدهما بهذه القوالب، ويكرههما على الخضوع لها والإيمان بها١.

ويقول في موضع آخر: "وإنما رجاؤنا أن تصدر الثورة المجددة التي ينبعث أصحابها في طلب الكمال الشعري لذاته عن الجيل الجديد، الذي يتلقى العلم اليوم، والذي نجاهد كلنا في سبيل تلقينه إياه، على غير تلك القواعد القديمة، التي كانت تبعث الجمود في الأذهان والقلوب والعواطف. وعلينا إذا أردنا معاونته على القيام بهذا الواجب أن نهاونه على تقرير حرية العاطفة بمقدار ما أعناه على تقرير حرية الفكر، وأن نوسع أمامه من أفاق الفن بمقدار ما نوسع من أفاق العلم، وأن نعرض عليه من صور الحياة الماضية والحاضرة ما يسمح له بحرية الاختيار، فإذا نحن قمنا بهذا الواجب كان لنا أن نؤمل من بين هذا الجديد، في أولئك الأفذاد الذين يقيمون صرح الشعر على أسس صالحة، والذين يجعلوننا نحس إذ تنشد شعرهم بائتلاف جواب نغمته مع سائر أنغام الحياة الحضارة وصورها، بدل أن نرى أنفسنا كمن يشدو بقيثاؤته وسط الأطلاق، ويريد أن يبعث أمام خياله حياة ليس لها بشيء مما في حياته اتصال٢.

عمد الشعراء إلى استظهار كثير من الأدب العربي القديم، حتى يستقيم لهم الأسلوب ويتملكوا ناصية القافية، ويكثر محصولهم من الكلمات والتعبيرات. بيد أن هذا الاستظهار أورثهم الجمود، والتقليد للأدب العربي القديم: في أساليبه،


١ ثورة الأدب ص ٦٥.
٢ نفس المصدر ص ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>