للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدى المصريين؟ " وذكر أن العامل الأكبر في فقد قوة الاختراع لديهم هو استخدام اللغة العربية الفصحى في القراءة والكتابة، ونصحهم باتخاذ اللغة العامية أداة للتعبير الأدبي، اقتداء بالأمم الأخرى واستشهد بالأمة الإنجليزية. وقال: إنها أفادت فائدة كبيرة منذ هجرت اللاتينية التي كانت لغة الكتابة والعلم يومًا ما.

وكان هذا الرجل من أشد أعداء اللغة الفصحى، وقد بذل غاية جهده لمحاربتها والقضاء عليها، وقد مكنته الظروف من أن تثول إليه مجلة الأزهر التي كان يحررها إبراهيم "بك" مصطفى والد الدكتور حسن "بك" رفقي، في أواخر سنة ١٨٩٢. واتخذها منبرًا يتهجم فيه على لغة القرآن.

وقد ألقى خطبته السابقة في نادي الأزبكية بالإنجليزية، وقد نشرها مترجمة إلى العربية في مجلته، ولكنها عربية ركيكة سخيفة١.

وقد ظل منذ ذلك الحين يكيد للعربية، ويوحي إلى أهلها بأنهم ليسوا عربًا وأن لا صلة لهم ولا للغتهم بالعرب؛ بل ادعى ما هو أدهى؛ إذ زعم أن اللهجة التي يتكلمها المصريون تمت إلى اللغة الفينيقية أو "البونية" كما سماها، انحدرت إليهم منذ أن كان الهكسوس بمصر، وأنه لا صلة لها بالعربية، وأخذ يتلمس لذلك براهين مضحكة في كتابه الذي أشرنا إليه آنفًا: "سوريا ومصر وشمال أفريقية ومالطة تتكلم البونية لا العربية٢" وقد نشره في سنة ١٩٢٦.

وفيه عدد الصعوبات التي يجدها المصريون في تعلمهم اللغة العربية، ورأى أن تحل محلها اللغة العامية، وأن يعم التعليم بها، وجعل مدة هذا التعليم عشر سنوات رأى أنها كفيلة بأن تمحو الأمية من مصر، وعلى حد تعبيره "كفيلة بأن تخلص المصريين من السخرة الثقلية التي يعانونها من جراء الكتابة بالعربية الفصحى".

ولم يكتف بهذا، لأنه رأى الأمة معرضة عن دعوته الاستعمارية الهدامة، التي تنطوي على تعصب ديني بغيض، وعلى نية استعمارية خبيثة، لأنه وغيره


١ يوجد نص هذه الخطبة في مجلة الأزهر العدد الأول من السنة السادسة سنة ١٨٩٣.
٢ syria, egypt, north aficia , and malta speak punic not arabie

<<  <  ج: ص:  >  >>