للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجدها في الشام، وأن كرومر قد منح الصحافة شيئًا من هذه الحرية، ولكنه كما ذكرنا كان يخشى أن يجاري بعض المهاجرين من أبناء وطنه في ميولهم الإنجليزية كأصحاب المقطم مثلًا؛ فيتهم بالميل لحزب من الأحزاب، ولذلك لا تجد له شعرًا في كرومر، أو في مدح السياسة الإنجليزية بمصر، وإنما قد انتهز فرصة وفاة الملكة فيكتوريا١ فرثاها بقصيدة أثنى فيها ثناء جمًّا على أبناء التاميز، وأشاد بقوتهم وعظمتهم كما رثاها حافظ إبراهيم حين كان متأثرًا بسياسة أستاذه الشيخ محمد عبده٢. وفي تلك القصيدة يقول مطران٣:

بنوك فروع للعلى وأصول ... وملكك ما للشمس عنه أقول

وسعدك في الأمثال سار ولم يكن ... له في سعود المالكين مثيل

ويظهر أن طبيعة مطران كانت ميالة إلى الوطنية الصادقة، ولا شك أن مصر والشام كانتا في حالتين متشابهتين في جهاد كل منهما في سبيل الحرية، فكان يجد في الوطنية المصرية صدى لما في نفسه من نزعة للحرية ومتنفسًا لآماله كبتت يومًا ما، وقد وجد في مصطفى كامل زعيمًا قويًّا، ومجاهدًا صادقًا الجهاد، لا يدخر مالًا، أو شبابًا، أو حياة في سبيل مبدئه، فناصره، فنجد له قصيدة قالها في افتتاح مدرسة مصطفى كامل وقد تحولت إلى كلية٤، ولما مات مصطفى كامل رثاه مطران، وقد قدم لقصيدته في رثائه حين نشرها بالديوان في الطبعة الأولى بقوله: "مصاب الشرق في رجله المفرد، وبطله الأوحد، مصطفى باشا كامل، أيتها الروح العزيزة، إن في هذا الديوان الذي أختتمه برثائك، نفحات من نعمائك، ودعوات من دعواتك، فإلى هيكلك المدفون بالتكريم، تحية الأخ المخلص للأخ الحميم، ووداع المجاهد المتطوع للقائد العظيم".

وهي قصيدة جمعت معاني جمة، فمن إظهار لما بلغه المصاب من نفوس المصريين بخاصة والشرقيين بعامة، لفقدهم هذا الأمل المرجى، والصوت الذي


١ هي الكسندرينا بنت إدوارد. ولدت سنة ١٨١٩، تولدت عرش إنجلترا في سنة ١٨٣٧ وتوفيت سنة ١٩٠١.
٢ راجع ديوان حافظ الجزء الثاني ص ١٣٦.
٣ ديوان مطران ج١ ص١٣٢.
٤ راجع الديوان ج٣ ص٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>