للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنجليز راضين عن هذه الحركة طبعًا، وكيف يرضون عنها وقد كان من سياسة عميدهم بمصر اللورد كرومر محاربة التعليم الجامعي الذي يعد الأمم للحياة الحقة، والاهتمام بتخريج آلات صماء تعمل في دواوين الحكومة تحت إمرة مستشاريه كما عرفت في الفصل الأول. وبدأت الجامعة أعمالها بإرسال البعوث العلمية إلى أوربا لإعداد هيئة التدريس، ودعت بعض الأساتذة المشهود لهم بالرسوخ في العلم، من جامعات أوربا المختلفة لإلقاء محاضرات على الطلاب في التاريخ، والآداب العربية، والفلسفة والاقتصاد، من أمثال "الكونت دي جلارزا، وجويدي الكبير، ونللينو"؛ وأنشئت بها مكتبة جمعت لها الكتب من جميع جهات العالم، حتى صارت اليوم من أغنى المكتبات في الشرق العربي كله١، وأخذت الجامعة تمنح الدرجات العلمية في أول نشأتها، ولكن الحرب العالمية الأولى أثرت في نموها، كما أثرت في جميع مظاهر الرقي والمرافق العامة، وقد فكرت الحكومة في سنة ١٩١٧ في إنشاء جامعة حكومية؛ وسارت هذه الفكرة في ١١ من مارس سنة ١٩٢٥؛ مكونة من كليات أربع هي: الآداب، والعلوم؛ والطب، والحقوق، وفي سنة ١٩٣٥ ضمت إليها الهندسة، والزراعة والتجارة، وفي سنة ١٩٤٠ سميت بجامعة "فؤاد الأول"، وضمت إليها دار العلوم في ٢٤ من إبريل سنة "١٩٤٦"٢، وبعد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ سميت جامعة القاهرة.

وقد أفادت الحركة الأدبية بمصر والشرق من الجامعة المصرية إفادة لا تنكر، إذ أخرجت جيلًا مثقفًا ثقافة حديثة، ملمًا بالآداب العربية يجيد البحث ويقدره، وإن كان الذين نبغوا في البحوث الأدبية ممن تخرجوا في الجامعة لا يزال محدودًا، ولكن الفضل الأكبر كان للأساتذة الأجانب والمصريين، وتوجيهاتهم للأدباء، وفي الفصول التي كتبوها في النقد الأدبي، والكتب التي أخرجوها نماذج في التأليف، كما أفادت الجامعة في الإكثار من عدد القراء الذين يقدرون الأدب ويتذوقونه، ويسهمون فيه، أو يعلقون عليه، وحسبك أن تعلم أن


١ بها اليوم مائة وسبعون ألف مجلد، منها عشرون ألفًا باللغات الأوربية، وأربعون ألفًا باللغة العربية، وعشرة آلاف باللغات الشرقية المختلفة "تقويم الجامعة ص٨٠".
٢ تقويم الجامعة ١- ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>