للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهلي، فأحسن الشعر عندهم أصدقه، وهم لا يقدمون بين يدي أغراضهم نسيبًا أو غيره، ولا يفتخرون في شعرهم إلا نادرًا.

ومما انفردوا به كذلك وضع الروايات التمثيلية شعرًا، وقد مكنهم هذا من التحليل والتطويل، وإظهار شخصيات عدة، وصور متباينة من العادات والأخلاق والأشخاص١" وهذا النقد، أو التعريض بخصائص الشعر الغربي جعل بعض الشعراء يحاولون الخروج على تقاليد الشعر القديم، بل إن بعضهم حاول النظم بالشعر المرسل، والذين تجرءوا على هذا أغلبهم من شعراء المهجر وقلة من أدباء مصر منهم عبد الرحمن شكري وقد نظم به قصيدته "كلمات العواطف" التي أنهى بها الجزء الأول من ديوانه "ضوء الفجر" وقد جاءت مفككة النسج، كل بيت منها لا يكاد يتصل بما قبله أو بعده، ولم يكن ثمة ضرورة لأن يهجر القافية إذ لم تكن قصة طويلة متلاحمة النسج قد تتعثر فيها القافية.

كما نجد له من هذا النوع أقصوصتين في الجزء الثاني إحداهما "واقعة أبي قير" والثانية "نابليون والساحر المصري" وقد وفينا الكلام عن شكري حقه في غير هذا الموضع٢ ومنهم محمد فريد أبو حديد، وعلى باكثير في بعض مسرحياته محاولًا تقليد شكسبير، بيد أن محاولاتهم باءت بالإخفاق لأن طبيعة الشعر العربي تأبى هذا اللون الشعري الخالي في موسيقى القافية وإن سلم لمحمد فريد أبو حديد بعض من هذا الشعر في ديباجته وموسيقاه. ويجب هنا أن تفرق بين نوعين من الشعر أحدهما الشعر المرسل Blank verse والثاني الشعر الحر Verse Libre أم الأول فهو موزون ولكن لا يتقيد بقافية، والثاني لا يتقيد بقافية ولا وزن٣.

ويقول الأب لويس شيخو عن هذا النوع من الشعر: "ومما سبق إليه أدباء عصرنا تدون مثال في لغتنا ما دعوه بالنثر الشعري، أو الشعر المنثور، كأنه جامع بين خواص النثر والنظم، أما النثر فلأنه على غير وزن من أوزان البحور، وأما


١ راجع مقال الشيخ نجيب حداد في مختارات المنفلوطي ص١٢٦- ١٤٥.
٢ راجع دراسات أدبية للمؤلف ج١، وسيأتي الكلام عنه في هذا الفصل.
٣ راجع عن هذه النوعين من الشعر encyclopedia brtanica v. ٣.p. ٥٧٥, ٦٩٦ وكذلك v, ٢٣ pp. ٤٨٢- ٩ وراجع كذلك dr. moultion, s world literature وكذلك dr. mo ka fj.w. long english literature وكذلك مقال للأستاذ حسين عفيف المحامي، الأهرام ٢٠/ ٩/ ١٩٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>