للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلائهم, ولكنه أعيد في عصر سعيد، وظلَّ يعمل مدة حكم إسماعيل، مؤديًا رسالته في نشر المباحث العلمية. ولا يزال حتى اليوم قائمًا، وإن تغير اسمه إلى مجلس المعارف المصريّ, ومقره وزارة الأشغال، وله مجلة تنشر أبحاثه, وقد تكلمنا عنه آنفًا١.

٣- جمعية المعارف سنة ١٨٦٨، وهي أول جمعيةٍ علميةٍ مصريةٍ ظهرت لنشر الثقافة عن طريق التأليف والترجمة والنشر، وأسسها محمد باشا عارف, وأسهم في تأسيسها عددٌ كبيرٌ من أعيان البلاد، وقد اقتنت مطبعة، وقامت بطبع طائفة من أمهات الكتب في التاريخ والفقه والأدب٢.

ولقيت الجمعية تشجيعًا عظيمًا, حتى بلغ عدد أعضائها ستين وستمائة عضوٍ من الطبقة الممتازة في الأمة٣.

وظلَّت الجمعية تعمل، وتؤدي رسالتها الثقافية, إلى أن اشتد النزاع السياسيّ بين الخديو إسماعيل، والأمير عبد الحليم؛ لتنافسهما على أريكة مصر، وكان عارف باشا من أنصار حليم باشا، ففرَّ إلى الآستانة خوفًا من إسماعيل، وبذهابه انحلت الجمعية، وكان عارف أديبًا، ويروى له قوله:

ألم تعلم بأن سماء فكري ... تلوح بأفقها شمس المعارف

تفرس والدي في المزايا ... فيوم ولدت لقبني بعارف

٣- الجمعية الجغرافية سنة ١٨٧٥، وتعد من أهم المنشآت العلمية بمصر، وتُعْنَى بالأبحاث الجغرافية والعلمية وتدوينها، ونشرها, ولها مجلةٌ دوريةٌ تنشر أبحاثها، وما تقوم به من اكتشافات، ولا تزال قائمة إلى اليوم.

٤- الجمعية الخيرية الإسلامية، أنشئت أول الأمر بالإسكندرية سنة ١٨٧٨، حين دفعت الحماسة جماعة من المتعلمين بالثغر -رأوا طغيان الأجانب، واشتداد نفوذهم، واستئثارهم بمرافق البلد- إلى تأسيسها, وكانت تعقد الاجتماعات ليلًا, ويتبادل أعضاؤها الخطب، وقبيل افتتاحها انضم إليهم السيد عبد الله نديم، فكلفته الجمعية العمل على تأسيس مدرسةٍ حرةٍ يتعلم فيها أبناء المسلمين, وينشئون تنشئةً صالحةً، وظلت الجمعية والمدرسة تتقدمان حتى قامت الثورة العرابية, فتفرق القائمون بأمرها.

وقد أنشيء على غرار هذه الجمعية التعلمية جمعية باسمها في القاهرة، وأخرى بدمياط، أما الجمعية الحالية, فقد أسست سنة ١٩٨٢, على غرار الجمعية الأولى حين اشتدت الحاجة إليها, وكان الداعي إلى تأسيسها الإمام الشيخ محمد عبده، وسنعود إلى الكلام عنها في ترجمته -إن شاء الله.


١ راجع ص١٦ من هذا الكتاب.
٢ من هذه الكتب: أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير في خمسة مجلدات، وتارج العروس من شرح جواهر القاموس، وتاريخ ابن الوردي، وشرح التنوير على سقط الزند، وديوان ابن خفاجة, وديوان ابن المعتز، والبيان والتبيين للجاحظ، وشرح الشيخ خالد على البردة، ورسائل بديع الزمان الهمذاني, وغير ذلك من الكتب.
٣ كان من أعضائها: إبراهيم المويليح، وأحمد فارس الشدياق، والشيخ حسونة النواوي، والدكتور محمد شافعي، ومصطفى رياض، والشيخ بدراوي عاشور، وتجد ثبتًا بأسماء أعضاء الجمعية، في آخر "الفتح الوهبيّ" وراجع كتاب عصر إسماعيل لعبد الرحمن الرافعي, ج١ ص٢٥٦، وجورجي زيدان في كتاب آداب اللغة ج٤ ص٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>