للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحلة إلى عالم يحس المرء فيه لذات التفكير أكثر مما يحسها في هذا العالم الأرض".

ومع أنه عنى بالشعر الوجداني الذاتي، فقد عرج على بعض آفاتنا الاجتماعية ولم يخض في السياسة بالجزء الأول ولا مرة واحدة حين اشتد النزاع بين المسلمين والأقباط.

لقد كان شكري واسع الثقافة جدًّا، وكان شاعرًا مرهف الذوق والحس، يعرف طريقة في الشعر، وكان له مذهب كونه بعد دراسة، وكنا ننتظر منه أن يروج لهذا المذهب ويدعو إليه ويبسط قضاياه ويدافع عنه، ولكن حياته الأدبية كانت قصيرة، وجنى عليه فرط حساسيته وطموحه الشديد، وتوهمه تنكر الناس له فآثر العزلة وحرم النقد الأدبي، والشعر ثمرات هذه العقلية الفذة المجددة.

وإن جهد زميله العقاد أن يسد الثغرة بكتاباته المستفيضة في النقد والدعوة إلى هذا المذهب الجديد في الشعر.

كان العقاد كزميله شكري ممن تأثر بالأدب الإنجليز في مذهبه الشعري، وفي نظرته النقدية، وقد بين هذا في قوله: "وأما الروح فالجليل الناشئ بعد شوقي كان وليد مدرسة لا شبه بينها وبين من سبقها في تاريخ الأدب العربي الحديث، فهي مدرسة أوغلت في القراءة الإنجليزية، ولم تقصر قراءتها على أطراف من الأدب الفرنسي، كما كان يغلب على أدباء الشرق الناشئين في أواخر القرن الغابر، وهي على إبغالها في قراءة الأدباء والشعراء الإنجليز، لم تنس الألمان والطليان والروس والأسبان، واليونان واللاتين الأقدمين، ولعلها استفادت من النقد الإنجليزي فوق فائدتها من الشعر فنون الكتابة الأخرى، ولا أخطئ إذا قلت: إن "هازلت" هو إمام هذه المدرسة كلها في النقد؛ لأنه هو الذي هداها إلى معاني الشعر والفنون، وأغراض الكتابة، ومواضع المقارنة والاستشهاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>