أدت إلى اعتناقه الإسلام, وسمى نفسه:"أحمد فارس"، وتكنَّى "بأبي العباس"، وكان يقول في هذا.
"لعمري ما كنت أحسب أن الدهر ترك للشعر سوقًا ينفق فيها، ولكن إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا لم يعقه عنه الشعر ولا غيره".
وتولَّى عند الباي أرفع المناصب، واشتهر اسمه، فطلبته الآستانة مرةً أخرى، فلبّى الدعوة، وهناك ألحق بديوان الترجمة، وتولّى الإشراف على التصحيح بدار الطباعة.
ويقال: إن الخديوي إسماعيل هو الذي أشار عليه في أثناء زيارته للآستانة بإنشاء "الجوائب" وكان معجبًا به، فقام بإنشائها سنة ١٨٦١، واشتركت فيها الحكومة المصرية بألفي نسخة.
وقد قدم مصر سنة ١٨٦٦، وهو شيخ هرم، في عهد الخديوي توفيق، فقوبل بكل إجلالٍ وترحابٍ، واجتمع به كثيرون من الأدباء ورجال الصحافة، فبهرهم على الرغم من شيخوخته بتوقد قريحته، وسرعة بديهته، وحلاوة سمره وطلاوته، ورقة حاشيته, ورشيق عبارته، ثم عاد إلى الآستانة, فتوفي بها سنة ١٨٨٧، ونقلت جثته إلى سوريا, ودفن بقرية الحازمية على مقربة من بيروت.
والشدياق من أوئل الذين اهتموا بالأبحاث اللغوية في العصر الحديث، وله كتاب "الجاسوس على القاموس"، وهو كذلك من أوائل الكُتَّاب المترسلين، الذين خاضوا في كل موضوع، وأفادوا الأدب واللغة بأبحاثهم ومقالاتهم، وله عدة كتبٍ, كان لها في زمانه وبعد زمانه شأن يذكر، منها:
١- "الواسطة في أحوال مالطة" وقد وصف فيه هذه الجزيرة وصفًا دقيقًا, وأبان فيه عن أصل اللغة التي ينطق بها زهلها، وبيَّنَ أنها اللغة العربية شيبت بلهجات الغزاة الفاتحين وألحانهم.
٢- "كشف المخبا عن أحوال أوربا" فَصَّلَ فيه سياحته في بلاد الإنجليز