للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مولاي وافاك عام مشرق بهيج ... فيه لآمال هذا القطر تحقيق

أبشر به فلسان السعد أرخه ... صافاك عام العلا والخير توفيق

ويقول من قصيدة أخرى عام ١٨٨٦، فيبتدئ الشطر الأول بتأريخ: ويختم القصيدة بتأريخ:

مولاي هذا السعد قال مؤرخًا ... بشرى أبا العباس عام بشائر

وتجد له في كل قصيدة أبياتًا من هذا النوع، حتى لقد برع في التأريخ الشعري براعة فاقت عصر المماليك والعثمانيين. لقد مدح من قبل إسماعيل صبري كثير من شعراء العربية الفحول، ولكنك تقرأ شعر المتنبي أو البحتري أو أبي تمام في المدح فتهتز طربًا، وتجد جديدًا، وتجد فحولة وقوة، واستطرادًا إلى الوصف الرائع، والحكمة البالغة، ولكن صبري للأسف لم يأت بأي جديد في مدائحه. والأنكى من ذلك أن في نسيبه كان يقف على الأطلال والدمن، وأين في مصر الأطلال والدمن؟! وهب أنه جعل منازل الحبيبة الغائبة في قصور القاهرة ومعالمها بمنزلة الطلل البالي فهلًا جدد فيالصورة، وافتن في التعبير، بدلًا من ترديد ما لاكته ألسنة الشعراء منذ قال امرئ القيس:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول وحومل

ويقول صبري في قصيدة يهنئ بها توفيق في عام ١٨٩٠:

قف بالديار وحي ركبا دراسًا ... لو يستطيع إجابة حياكا

وانثر دموعك في ثراه صبابة ... على البكاء يزيل بعض جواكا

ويقول من قصيدة أخرى يمدح عباسًا في عام ١٩٠٨ بعد أن شاعت ضروب الشعر الحديث على مطران وشوقي وشكري:

لو أن أطلال المنازل تنطق ... ما ارتد حران الجوانح شيق

فأين هذه الصورة القديمة التي لا تتعدى ذكر القدم ووصف البلى، وذلك الوصف الجاف الذي لا يفيد من الوجهة الفنية ولا يغني، فضلًا عن انحراف

<<  <  ج: ص:  >  >>