للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشتغل بالتدريس في المدارس الابتدائية سنين عديدة قضاها في مدينة سوهاج، وتنقل بعد ذلك في عدة مدارس ابتدائية وثانوية حتى اختير مدرسًا بالقضاء الشرعي قبيل الحرب العالمية الأولى، ثم مدرسًا بمدارس الأوقاف الخصوصية إلى أن انتقل مدرسًا بدار العلوم في سنة ١٩٢١ وظل بها إلى أن أدركته المنية في أواخر سنة ١٩٣١.

كان يحفظ القرآن الكريم، ويقرؤه ببعض الروايات. ويقول عنه زميله في التدريس بدار العلوم الأستاذ الشيخ أحمد الإسكندري. "كان حجة في الأدب واللغة، محيطًا بأكثر جزلها وغريبها، وكان شاعرًا منقطع النظير في شعره، لا يكاد سامعه يفرق بينه، وبين شعراء أهل القرن الثالث والرابع، فجدد ما كان يدرس من أساليب الشعر القديمة، وأحيا كثيرًا من غريب اللغة، ونظم من أكثر بحور الشعر وقوافيه. وكانت رحمه الله شديد الحفاظ على شعائر الإسلام، وآثاره، عاملًا على نشر آدابه، فهو من أكبر أعضاء جمعية المحافظة على القرآن الكريم، وجمعية الشبان المسلمين، وجمعية الهداية الإسلامية وله في كل منها آثار محمودة.

وكان شديد العصبية لسلف هذه الأمة وقوادها وعلمائها وشعرائها ومؤلفاتها، فلا يكاد يسمح بحديث مُزْزٍ عليها أو غاض من كرامتها حتى يغضب لها غضبة الليث الهصور، فينبري له تزييفًا وتهجينًا، خطابة أو شعرًا أو كتابة"١.

كان عبد المطلب كما رأيت عربي النشأة والمولد والبيئة معتزًّا بنسبه هذا كل الاعتزاز، يعرف للعرب فضلهم على الدنيا بكرم طباعهم، وشريف خصالهم، وأنهم أهل السماحة والنجدة، والإباء والكرم، وحسن العفو، وزادهم الإسلام فضلًا وأريحية، فكانوا النور الذي هدى العالم في حندس الجهالة والبغي، وأسسوا حضارة اقتبس منها وهو بعد يضرب في مجاهل الضلال، استمع إليه يفتخر بهذه العروبة:

وأنا ابن الصيد من أنكرني ... ينكر الليث إذا ما انتسبا

من أبيين كرام ضربوا ... فوق هامات المعالي قببا


١ مقدمة ديوان عبد المطلب للمرحوم الشيخ أحمد الإسكندري.

<<  <  ج: ص:  >  >>