في المطعمين على الحالين عافيهم ... إذا أصاب كرام الناس إمحال
والمرحبين إذا ضاق الزمان بهم ... والمكثرين وفي الأيام إقلال
والناقضين على الأيام ما عقدت ... وما لما عقدوه الدهر حلال
من الذين إذا قالوا مقالتهم ... فالدهر ماض بما قالوه فعال
من كل أروع في أعراقه كرم ... وفي شمائله لطف وإجمال
ومن أهم صفات العرب الفصاحة، ولما كان شاعرًا فصيح البيان كان من الطبيعي أن يهتم بذكر فصاحة العرب وقوة حجتهم في الكلام: وشهرتهم في البيان.
وإن تذكري أيامنا في قديمها ... سموت إلى ماض أغر نبيل
سلي الشعر عنا إذا يسير قصيده ... مسير الحياة في قفرة ومحول
ملأنا به الدنيا بيانًا وحكمة ... بها جاء في التنزيل خير رسول
وشدنا به في كل دهر مكانة ... رست في قرار عزة وأثول
ولا ينفك عبد المطلب يحدثك في كل قصيدة عن أمجاد قومه، وعن عظمة الأمة العربية التي ينتمي إليها، وهذا الشعور المتأصل في نفسه تأصل العقيدة هو الذي جعله يتشبث بمحاكاة الفحول المعرقين من شعراء العربية، ويود أن يصل إلى مرتبتهم متجاهلًا كل ما يتطلبه عصره وحضارته.
زد على هذا أن محمد عبد المطلب نشأ نشأة دينية في بيت يفد عليه طلاب الهداية، ويحيطونه بالتجلة والاحترام، لاعتقادهم في والده. وهذه النشأة مع ما صاحبها من دراسة دينية في الأزهر ودار العلوم كفيلة بأن تجعل محمد عبد المطلب شديد الحفاظ على القديم، لا يفرط فيه أبدًا مهما كانت المغريات، نافرًا من كل جديد.
مازوا الجديد من القديم وما دَرَوْا ... أن الجديد من القديم سليل
حلبات إفك في مهالك فتنة ... هو جاء كيد غواتها تضليل
دعوى وما ضربوا لنا مثلًا بها ... يجري عليه القياس مثيل
وإذا الدعاوى لم تقم بدليلها ... في العقل فهي على السفاه دليل