ولم يمدح البكري كما ذكرنا غير الخليفة والخديو، وليس له في منهما سوى قصيدة واحدة وإن مدح عباسًا في خلال قصيدته التي يصف بها مصر بما لا يخرج عما قاله في هذه القصيدة، ومن ذلك قوله:
ملك بضوء جبينه ... تسقي البلاد وتمطر
السيد المحض العلا ... والجوهر المتخير
العدل مما ينشر ... والمجد مما يذخر
خلق حوى كل الفضا ... ئل فهي عنه تؤثر
جود وباس في الورى ... بهما يخص ويشهر
وهذا الوصف ليس فيه جديد يضيفه إلى قصيدته السابقة، وقد خلا مديحه من الاستجداء، ولم يطل فيه ضنًا بكرامته وشرفه، ولعله أتى من قبيل أداء الواجب وهو الشاعر المباهي بشاعريته، والذي ينتظر منه أن يقدم ولاءه لخليفته وأميره، ولو قصر لليم على تقصيره ولعلك رأيت أنه وصف عباسًا بكثير من الصفات التي لم يتحل بها على عادة الشعراء القدامى في المدح.
ومن الأغراض التي أجاد فيها الوصف، ولكنه قليل من شعره، بل إن شعره كله قليل، وقد وصف مصر في قصيدة عامرة له فيها لفتات شعرية سامية، ومن هذه القصيدة التي أشرنا إليها في غير هذا الموضع١ قوله يصف جمال مصر: