فقد كان له تصوره الخاص فى هذه التقسيمات لديار الإسلام، وله اجتهاده المحمود ومبرراته فى أن يختلف مع سابقيه مما يمثل إثراء للفكر الجغرافى العربى.
هذا وقد أحصى «ميللر» لأعلام هذه المدرسة ٢٧٥ خريطة استطاع أن يجمعها لهم من المخطوطات المختلفة التى عثر عليها لكل منهم، وأطلق على هؤلاء الذين اعتمدوا أساسا فى كتاباتهم الجغرافية على تصوير الأقاليم أو رسم الأشكال اسم «أصحاب أطلس الإسلام» ، وهذه المجموعة من الخرائط نوع فريد ونسيج وحيد جاء إنتاجا إسلاميا خالصا من ابتكار هؤلاء، ودليلا على أصالة الفكر الجغرافى الإسلامى وقدرته على التجديد فى مجال رسم الخرائط.
أما عن الخصائص أو السمات العامة لخرائط الإصطخرى ومن جاء بعده فى هذا الاتجاه فهى خرائط توضيحية فقط، ليست وظيفتها الأساسية تحديد المواقع على وجه الدقة، بل مجرد بيان الهيئة العامة للأرض وبحارها وتوقيع البلاد بالنسبة لبعضها البعض وما تتضمنه من ظاهرات طبيعيّة وبشرية تفيد فى إرشاد الراغبين فى التعريف على جغرافية الإقليم، كما تنفع المسافرين على الطرق بمعرفة أطوال مراحلها وخصائصها، وكل ذلك فى حدود العصر وإمكانياته، وسوف نجد عند ابن حوقل والمقدسى إضافات قيمة تشير إلى مدى الارتقاء فى هذه المدرسة الجغرافية الإقليمية الخرائطية.
وهناك شبهة أن يكون الإصطخرى قد نقل الخرائط الواردة فى كتابه عن البلخى الذي سبقه فى تصوير الأقاليم، ولكن هذه المشكلة قد أثيرت فى القرن الرابع الهجرى؛ فقد ذكرها المقدسى الذي عاش بعد نصف قرن من وفاة البلخى، وكذلك ياقوت الحموى وقد جاءت تهمة