وأما فى النطاق الشمالى فبدأ فى الغرب بأرمينية وأذربيجان ثم الجبال (يقصد نطاق جبال زاجورس بين العراق وفارس) ثم الدّيلم. وهنا يكون قد وصل إلى سواحل بحر الخزر (قزوين) ومن ثم درسه كإقليم متكامل متحد.
ثم قبل أن ينتقل إلى ما تبقى من ممالك الإسلام فى الشرق، جاءت دراسة المفازة التى بين فارس وخراسان كإقليم له مميزاته، وإن لم يكن وحدة سياسية مستقلة، وأخيرا يدرس أقاليم سجستان وخراسان وما وراء النهر.
وواضح أن من بين هذه الأقاليم العشرين ثلاثة أقاليم بحرية: بحر الروم، وبحر فارس، وبحر الخزر، أى أن الدراسة شملت أحواض هذه البحار التى تمثل أقاليم جغرافية واضحة، وهو نهج إقليمى صحيح.
أما المفازة بين فارس وخراسان فهى الأخرى اعتبرت إقليما جغرافيا متميزا ومختلفا عما حوله، بل كما قال الإصطخرى: من أقل مفاوز الإسلام سكانا وقرى ومدنا، كما أنها غير خاضعة لسلطان بعينه؛ لأنها ليست فى حيز إقليم بعينه. وهكذا نجد أعلام هذه المدرسة الإقليمية المجددة أصحاب منهج إقليمى سليم فى تحديد وجوه اختلاف هذه المفازة عن غيرها من بوادى العرب والبربر وما فى مفاوز كرمان ومكران والسند، فهذه عامتها مسكونة بالأخبية والأخصاص.
أخيرا نجد بعد ما ذكر عن الأقاليم الأربعة السابقة أن ما تبقى هى وحدات سياسية- إدارية، أى ولايات إسلامية قد ذكرها البلخى الرائد الأول الذي لم يصلنا كتابه، ثم الإصطخرى وابن حوقل. أما المقدسى