كاوخواره بنحو ثلاثة «١» فراسخ جبل يقطع جيحون وسطه قطعا، فيضيق النهر حتى يعود عرض الماء «٢» إلى نحو من الثلث، ويسمى هذا الموضع أبو قشّة، وهو موضع يخاف على السفن منه من شدة جريه والهور الذي عند مخرجه، وبين الموضع الذي يقع فيه نهر جيحون إلى «٣» الموضع الذي يقع فيه نهر الشاش من هذه البحيرة نحو أربعة أيام، ووادى جيحون ربما جمد فى الشتاء حتى يعبر عليه بالأثقال، ويبتدئ جموده من ناحية خوارزم حتى يعلو إلى حيث انتهى الجمد؛ وأبرد ما على جيحون من البقاع خوارزم، وعلى شط بحيرة خوارزم جبل جغراغز «٤» ، يجمد عنده الماء حتى يبقى إلى الصيف، وهو أجمة قصباء، ودور هذه البحيرة- فيما بلغنى- نحو من مائة فرسخ، وماؤها مالح وليس لها مغيض ظاهر، ويقع فيها نهر جيحون ونهر الشاش وأنهار غيرهما، فلا يعذب ماؤها ولا يزيد على صغرها، ويشبه- والله أعلم- أن يكون بينها وبين بحر الخزر خروق، يتصل بها ماؤهما، وبين البحرين نحو من عشرين مرحلة على السمت.
وخوارزم مدينة «٥» خصبة كثيرة الطعام والفواكه، إلا أنها لا جوز بها، ويرتفع منها من ثياب القطن والصوف أمتعة كثيرة تنقل إلى الآفاق، وفى خواصّ أهلها يسار وقيام على أنفسهم بالمروة الظاهرة «٦» ، وهم أكثر أهل خراسان انتشارا وسفرا، فليس بخراسان مدينة كبيرة إلا وبها من أهل خوارزم جمع كبير، ولسانهم لسان مفرد، وليس بخراسان بلد على لسانهم، وزيّهم القراطق والقلانس، وخلقهم لا يخفى فيما بين أهل خراسان، ولهم بأس على الغزيّة ومنعة، وليس ببلدهم معادن ذهب ولا فضة ولا شىء من جواهر الأرض، وعامّة يسارهم من متاجرة الترك واقتناء المواشى، ويقع إليهم أكثر رقيق الصقالبة والخزر «٧» وما والاها مع «٧» رقيق الأتراك، والأوبار من الفنك والسمّور والثعالب «٨» والخزّ وغير ذلك من «٨» أصناف الوبر.
فهذا ما على جيحون من الكور، فنبدأ «٩» مما وراء النهر «٩» فى كورة بخارى، لأنها أول الكور وبها دار إمارة «١٠» خراسان، وهى مستقيمة على ترصيف كور ما وراء النهر، ثم يتبع ما يليها «١١» على «١٢» الاتصال إن شاء الله «١٢» .