للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رآه بالأفق المبين، وما هو على الغيب بضنين، وما هو بقول شيطان رجيم، فأين تذهبون، إن هو إلا ذكر للعالمين " فالرسول هنا جبريل وأضافه سبحانه إلى كل منهما باسم رسول لأن ذلك يدل على أنه مبلغ له عن غيره وأنه رسول فيه لم يحدث هو شيئاً منه، إذ لو كان قد أحدث منه شيئاً لم يكن رسولاً فيما أحدثه بل كان منشئاً له من تلقاء نفسه، وهو سبحانه يضيف إلى رسول من الملائكة تارة ومن البشر تارة، فلو كانت الإضافة لكونه أنشأ حروفه لتناقض الخبران، فإن أنشأ أحدهما له يناقض إنشاء الآخر له، وقد كفر الله تعالى من قال إنه قول البشر، فمن قال أن القرآن أو شيئاً منه قول بشر أو ملك فقد كذب، ومن قال أنه قول رسول من البشر ومن الملائكة بلغه عن مرسله ليس قول ... (١) ولم يقل أحد من السلف إن جبريل أحدث ألفاظه ومحمداً صلى الله عليه وسلم ولا أن الله تعالى خلقها في الهواء أو غيره من المخلوقات، ولا أن جبريل أخذها من اللوح المحفوظ بل هذه الأقوال هي من أقوال بعض المتأخرين، وقد بسط الكلام في غير هذا الموضع على تنازع المبتدعين الذين اختلفوا في الكتاب وبين فساد أقوالهم، وأن القول السديد هو قول السلف وهو الذي يدل عليه النقل الصحيح والعقل الصريح وإن كان عامة هؤلاء المختلفين في الكتاب لم يعرفوا القول السديد قول السلف بل ولا سمعوه ولا وجوده في كتاب من الكتب التي يتداولونها لأنهم لا يتداولون الآثار السلفية ولا معاني الكتاب والسنة إلا بتحريف بعض المحرفين لها، ولهذا إنما يذكر أحدهم أقوالاً مبتدعة إما قولين وإما ثلاثة وإما أربعة وإما خمسة، والقول الذي كان عليه السلف ودل عليه الكتاب والسنة لا يذكره لأنه لا يعرفه ولهذا نجد الفاضل من هؤلاء حائراً مقراً بالحيرة على نفسه وعلى من سبقه من هؤلاء


(١) بياض بالأصل والمعنى يقتضي أن يكون المحذوف: ليس قولا أنشأه من عنده فقد صدق

<<  <  ج: ص:  >  >>